للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديث من رواية هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أنس - رضي اللَّه عنه -، وأخرجه البخاريّ من رواية هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -. قال في "الفتح": فمنهم من أعلّ حديث ابن عبّاس بهذا -يعني حديث أنس- ومنهم من حمله على أن لهشام فيه شيخين، وهذا هو المعتمد، فإن البخاريّ أخرج طريق عكرمة، ومسلمًا أخرج طريق ابن سيرين، ويرجّح هذا الحمل اختلاف السياقين، كما سنبيّنه، إن شاء اللَّه تعالى انتهى (١).

(قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ لِعَانٍ كَانَ فِي الإِسْلَام) قال أبو العبّاس القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: هذا يقتضي أن آية اللعان نزلت بسبب هلالَ بن أميّة، وكذلك ذكره البخاريّ، وهو مخالفٌ لما تقدّم أنها نزلت بسبب عويمر العجلانيّ. وهذا يحتمل أن تكون القضيّتان متقاربي الزمان، فنزلت بسببهما معًا. ويحتمل أن تكون الآية أنزلت على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مرّتين، أي كرّر نزولها عليه، كما قال بعض العلماء في "سورة الفاتحة": إنها نزلت بمكّة، وتكرر نزولها بالمدينة، وهذه الاحتمالات -وإن بعُدت- فهي أولى من أن يُطرَّق الوهم للرواة الأئمة الحفّاظ. انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حاصل ما أشار إليه القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- أن الجمع بأنها نزلت بسببهما هو الأرجح، وقد تقدّم تمام البحث في ذلك في المسألة الرابعة، في "باب بدء اللعان"، فراجعه تستفد. واللَّه تعالى وليّ التوفيق.

(أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ) بن عامر بن قيس بن عبد الأعلم بن عامر بن كعب بن واقف الأنصاريّ الواقفيّ، شهد بدرًا، وما بعدها، وهو أحد الثلاثة الذين تِيب عليهم، وقد تقدّم ذلك في -١٨/ ٣٤٤٩ باب "الحقي بأهلك" (قَذَفَ) أي رمى، يقال: قذف المحصنة قَذْفًا، من باب رمى: رماها بالفاحشة. أفاده الفيّوميّ (شَرِيكَ بْنَ السَّحْمَاءِ) بالنصب مفعول "قذف". وهو شريك -بفتح الشين المعجمة، وكسر الراء- ابن السحماء -بفتح السين، وسكون الحاء المهملتين- وهي أمه، واسم أبيه عبدة بن معتّب ابن الجدّ بن العجلان البلويّ، حليف الأنصار.

وتقدّم في الباب الماضي أنه أخو البراء بن مالك لأمه. قال في "الإصابة": فقال أبو نعيم: إن بعضهم زعم أن شريكًا صفة لهذا الرجل، لا اسم له، وإنما كان بينه وبين ابن سحماء شَرِكَةٌ، فقيل له: شريك بن سحماء، فعلى هذا يتعيّن كتابة ألف بين "شريك"، و"ابن سحماء"، ولكنّه قول شاذّ. وقد يتقوّى بأن البراء بن مالك، كان أخا أنس بن


(١) "فتح" ٩/ ٣٨٢. "كتاب التفسير".
(٢) "المفهم" ٤/ ٣٠٠.