الأربعة، وأحد المكثرين السبعة، وكلهم تقدّموا غير مرّة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أَنَّهُ قَالَ: ذُكِرَ التَّلَاعُنُ) ببناء الفعل للمفعول، و"التلاعن" بالرفع على أنه نائب الفاعل. وفي رواية عند البخاريّ:"ذُكر المتلاعنان". والمراد ذكر حكم الرجل يرمي امرأته بالزنا، فعبّر عنه بالتلاعن باعتبار ما آل إليه الأمر بعد نزول الآية (عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَقَالَ: عَاصِمُ بْنُ عَدِي فِي ذَلِكَ قَوْلاً) قال الكرمانيّ: معنى قوله: "قولاً"، أي كلامًا لا يليق به، كعجب النفس، والنخوة، والمبالغة في الغيرة، وعدم المردّ إلى اللَّه، وقدرته. وتعقّبه الحافظ، فقال: وكلّ ذلك بمعزل عن الواقع، وإنما المراد بقول عاصم ما تقدّم في حديث سهل بن سعد أنه سأل عن الحكم الذي أمره عويمرٌ أن يسأل له عنه، وإنما جزمت بذلك؛ لأنه تبيّن لي أن حديثي سهل بن سعد، وابن عبّاس من رواية القاسم بن محمد، عنه في قصّة واحدة، بخلاف رواية عكرمة، عن ابن عبّاس، فإنها قصّة أخرى، كما تقدّم في تفسير سورة النور، عن ابن عبد البرّ أن القاسم روى قصّة اللعان عن ابن عبّاس، كما رواه سهل بن سعد، وغيره، في أن الملاعن عويمر، وبينّت هناك توجيهه، وعلى هذا فالقول المبهم عن عاصم في رواية القاسم هذه هو قوله:"أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً، أيقتله، فتقتلونه؟ " الحديث. ولا مانع أن يروي ابن عبّاس القصّتين معًا. ويؤيّد التعدّد اختلاف السياقين، وخلوّ أحدهما عما وقع في الآخر، وما وقع بين القصّتين من المغايرة، كما أبيّنه انتهى (١).
(ثُمَّ انْصَرَفَ) أي رجع عاصم من مجلس رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى منزله (فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ) هو عويمر كما تقدّم، ولا يمكن تفسيره بهلال بن أميّة؛ لأنه لا قرابة بينه وبين عاصم؛ لأنه هلال بن أمية بن عامر بن عبد قيس من بني واقف، وهو مالك بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس، فلا يجتمع مع بني عمرو بن عوف الذي ينتمي عاصم إلى حلفهم، إلا في مالك بن الأوس؛ لأن عمرو بن عوف هو ابن مالك. قاله في "الفتح"(يَشْكُو إِلَيْهِ، أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، قَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا) ببناء الفعل للمجهول. أي ما ابتُليت بوقوع هذه الفاحشة في قومي إلا بسؤالي عما لم يقع، وإنما أسند الابتلاء إليه؛ لأن عويمرًا كانت تحته بنت عاصم، أو بنت أخيه، فما وقع منها فهو ابتلاء له.