للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكون إلا مع غلظ العظم مع اللحم. وقال ابن التين: ضبط في بعض الكتب بكسر الدال، وتخفيف اللام، وفي بعضها بتشديد اللام، وفي بعضها بسكون الدال، وكذلك هو في كتب اللغة، وكذا ضبط في رواية أبي صالح، وابن يوسف. قاله العينيّ (١) (كَثِيرَ اللَّحْمٍ) أي في جميع جسده. قال في "الفتح": يحتمل أن تكون صفة شارحة لقوله: "خدلاً"، بناء على أن الخدل الممتلئ البدن، وأما على قول من قال: إنه الممتلئ الساق، فيكون فيه تعميم بعد تخصيص. وزاد في الرواية التالية: " جعدًا قططًا"، و"الجعد": هو المتكسّر، ضدّ السبوطة. و"القطط" -بفتحتين، أو بفتح، فكسر-: هو المتفلفل الشعر. قال في "الفتح": وهذه الصفة موافقة للتي في حديث سهل بن سعد حيث فيه: "عظيم الأليتين خدلّج الساقين الخ". انتهى (٢).

(فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ بَيِّنْ") أي بين لنا الحكم في هذه المسألة. قال أبو العبّاس القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: ظاهره أنه دعاء في أن يبيّن له ممن الولد؟، فأجيب بأنه للذي رُمي به، وتبيّن له ذلك بأن اللَّه تعالى خلقه يُشبه الذي رميت به، وعلى الصفة التي قال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولذلك نسّق قوله: "فوضعت" على الكلام المتقدّم بالفاء. وقيل: معناه: اللَّهمّ بين الحكم في هذه الواقعة، كما جاء في الرواية الأخرى: "اللَّهم افتح"، أي احكم، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} [سبأ: ٢٦] أي يحكم انتهى (٣).

وقال البدر العينيّ -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: "اللَّهم بيّن" أي حكم المسألة. ويقال: معناه الحرص على أن يعلم من باطن المسألة ما يقف به على حقيقتها، وإن كانت شريعته قد أحكمها اللَّه في القضاء بالظاهر. وإنما صارت شرائع الأنبياء - عليهم السلام - يُقضى فيها بالظاهر؛ لأنها تكون سببًا لمن بعدهم من أممهم، ممن لا سبيل له إلى وحي يعلم به بواطن الأمور (٤).

(فَوَضَعَتْ) أي ولدت تلك المرأة ولدًا (شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا، أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا، فَلَاعَنَ) أي أمر باللعان (رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بَيْنَهُمَا) هذا ظاهره أن الملاعنة بينهما تأخّرت حتى وضعت، فيُحمل على أن قوله: "فلاعن" معقّب بقوله: فذهب به إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، واعترض قوله: "وكان ذلك الرجل الخ"،


(١) "عمدة القاري" ١٧/ ٨٥.
(٢) "فتح" ١٠/ ٥٧١.
(٣) "المفهم" ٤/ ٣٠٢ - ٣٠٣.
(٤) "عمدة القاري" ١٧/ ٨٥.