أن يُتّخذ سنة في وعظ المتلاعنين قبل الشروع في اللعان، ولذلك قال الطبريّ: إنه يجب على الإمام أن يعظ كلّ من يحلّفه. وذهب الشافعيّ إلى أنه يعظ كلّ واحد بعد تمام الرابعة، وقبل الخامسة؛ تمسّكًا بحديث ابن عبّاس في لعان هلال بن أمية أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - وعظهما عند الخامسة انتهى (١)(وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا، أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا كَذَبْتُ، ثُمَّ ثَنَّى بِالمْرْأَةِ) بتشديد النون، من التثنية، أي جعلها ثانية في الوعظ، والتذكير، واللعان (فَوَعَظَهَا، وَذَكَّرَهَا، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنَّهُ لَكَاذِبٌ، فَبَدَأَ بالرَّجُلِ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتِ باللهِ، إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّه عَلَيْهِ، إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبينَ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ، فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتِ بِاللَّهِ، إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا، إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فَفَرّقَ بَيْنَهُمَا) قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: من التفريق، وفيه أنه لا بدّ من تفريق الحاكم، أو الزوج بعد اللعان، ولا يكفي اللعان في التفريق. ومن لا يقول به يرى أن معناه أظهر أن اللعان مفرّق بينهما. انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تقدّم تحقيق الخلاف في ذلك مستوفًى، وأن الراجح عدم اشتراط التفريق، بل يقع بالفراغ من التعانهما، وسيأتي بعض البيان في الباب التالي أيضًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٤١/ ٣٥٠٠ و ٤٢/ ٣٥٠١ و ٤٣/ ٣٥٠٢ و ٤٤/ ٣٥٠٣ و٤٥/ ٣٥٠٤. وفي "الكبرى" ٤١/ ٥٦٦٧ و ٤٢/ ٥٦٦٨ و ٤٣/ ٥٦٦٩ و ٤٤/ ٥٦٧٠ و٤٥/ ٥٦٧١. وأخرجه (خ) في "التفسير" ٤٧٤٨ و"الطلاق" ٥٣١٢ و٥٣١٥ و"الفرائض" ٦٧٤٨ (م) في "اللعان" ١٤٩٣ (د) في "الطلاق" ٢٢٥٧ و ٢٢٥٨ و ٢٢٥٩ (ق) في "الطلاق" ٢٠٦٩ (أحمد) في "مسند المكثرين" ٤٤٦٣ و ٤٥١٣ و ٤٥٨٩ و ٤٦٧٩ و ٤٩٢٦ و٥١٨٠ و٥٢٩٠ و ٦٠٦٣ (الموطأ) في "الطلاق" ١٢٠٢ (الدارمي) في "النكاح" ٢٢٣١ و ٢٢٣٢. واللَّه تعالى أعلم.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: استدلال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- على ما ترجم له