للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن المنيّر، فقال: ذكر ترجمة التعريض عقب ترجمة الإشارة؛ لاشتراكهما في إفهام المقصود، لكن كلامه يشعر بإلغاء حكم التعريض، فيتناقض مذهبه في الإشارة.

والجواب أن الإشارة المعتبرة هي التي لا يُفهم منها إلا المعنى المقصود، بخلاف التعريض، فإن الاحتمال فيه، إما راجح، وإما مساوٍ، فافترقا. قال الشافعيّ في "الأمّ": ظاهر قول الأعرابيّ أنه اتّهم امرأته، لكن لَمّا كان لقوله وجهٌ غير القذف، لم يحكم النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - فيه بحكم القذف، فدلّ ذلك على أنه لا حدّ في التعريض. ومما يدلّ على أن التعريض لا يُعطَى حكم التصريح الإذن بخِطْبة المعتدّة بالتعريض، لا بالتصريح، فلا يجوز. انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٥٠٥ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ, أَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟» , قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: «فَمَا أَلْوَانُهَا؟» , قَالَ: حُمْرٌ,

قَالَ: «فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟» , قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا, قَالَ: «فَأَنَّى تَرَى أَتَى ذَلِكَ؟» , قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ»).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (إسحاق بن إبراهيم) الحنظليّ المروزيّ المعروف بابن راهويه، ثقة ثبت إمام [١٠] ٢/ ٢.

٢ - (سفيان) بن عيينة الإمام الحجة الثبت المكيّ [٨] ١/ ١.

٣ - (الزهريّ) محمد بن مسلم الإمام الحجة الثبت المدنيّ [٤] ١/ ١.

٤ - (سعيد بن المسيّب) بن حَزْن المخزوميّ المدنيّ الإمام الحجة الفقيه، من كبار [٣] ٩/ ٩.

٥ - (أبو هريرة) - رضي اللَّه تعالى عنه - ١/ ١. واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، وهو من أصحّ أسانيد أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، سوى شيخه، فمروزيّ، ثم نيسابوريّ، وسفيان، فكوفيّ، ثم مكيّ.

(ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. (ومنها): أن ابن المسيب من الفقهاء السبعة،


(١) "فتح" ١٠/ ٥٥٤ - ٥٥٥.