للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأبا هريرة - رضي اللَّه عنه - من المكثرين السبعة، روى (٥٣٧٤) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ) قال في "الفتح": كذا لأكثر أصحاب الزهريّ، وخالفهم يونس، فقال: عنه، عنَ أبي سلمة، عن أبي هريرة، وقد أخرجه البخاريّ في "كتاب الاعتصار" من طريق ابن وهب، عنه، وهو مصير من البخاريّ إلى أنه عند الزهريّ، عن سعيد، وأبي سلمة معًا، وقد وافقه مسلم على ذلك. ويؤيّده رواية يحيى بن الضحّاك، عن الأوزاعيّ، عن الزهريّ، عنهما جميعًا. وقد أطلق الدارقطنيّ أن المحفوظ رواية مالك، ومن تابعه. وهو محمول على العمل بالترجيح، وأما طريق الجمع فهو ما صنعه البخاريّ، ويتأيّد أيضًا بأن عُقيلاً رواه عن الزهريّ، قال: بلغنا عن أبي هريرة، فإن ذلك يُشعر بأنه عنده عن غير واحد، وإلا لو كان عن واحد فقط، كسعيد مثلاً لاقتصر عليه انتهى (١) (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ) -بفتح الفاء، وبالزاي، وبعد الألف راء مهملة-. وفي رواية أبي مصعب: "جاء أعرابي". وفي رواية: "جاء رجلٌ من أهل البادية". واسم هذا الأعرابيّ ضمضم بن قتادة، أخرج حديثه عبد الغني بن سعيد في "المبهمات" له من طريق قطبة بنت عمرو بن هرم أن مدلوكًا حدّثها، أن ضمضم بن قتادة وُلد له مولود أسود، من امرأة من بني عجل، فشكا إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: "هل لك من إبل؟ " (أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) وفي رواية ابن أبي ذئب: "صرخ بالنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ) قال الحافظ: لم أقف على اسم المرأة، ولا على اسم الغلام. وزاد في رواية يونس: "وإني أنكرته"، أي استنكرته بقلبي، ولم يُرد أنه أنكر كونه ابنه بلسانه، وإلا لكان تصريحًا بالنفي، لا تعريضًا، ووجه التعريض أنه قال: غلامًا أسود، أي وأنا أبيض، فكيف يكون منّي؟. ووقع في رواية معمر، عن الزهريّ التالية: "ويريد الانتفاء منه ولفظ مسلم: "وهو حينئذ يعرّض بأن ينفيه".

ويؤخذ منه أن التعريض بالقذف ليس قذفًا، وبه قال الجمهور. واستدلّ الشافعي بهذا الحديث لذلك. وعن المالكيّة يجب به الحدّ، إذا كان مفهومًا، وأجابوا عن الحديث بما سيأتي بيانه في آخر شرحه. وقال ابن دقيق العيد: في الاستدلال بالحديث نظر؛ لأن المستفتي لا يجب عليه حدّ، ولا تعزير. قال الحافظ: وفي هذا الإطلاق نظرٌ؛ لأنه قد يستفتي بلفظ لا يقتضي القذف، وبلفظ يقتضيه، فمن الأول أن يقول مثلاً: إذا كان زوج


(١) "فتح" ٥٥٥.