للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنَّ مُجَزِّزًا, نَظَرَ إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ, فَقَالَ: إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ»).

رجال هذا الإسناد: ستة

وقد مرّت تراجمهم قبل بابين، وكلهم رجال الصحيح، وأخرجه البخاريّ في "الصحيح" بنفس هذا السند. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنها -، أنها (قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، دَخَلَ عَلَيَّ، مَسْرُورًا، تَبْرُقُ) -بفتح التاء المثنّاة، وضم الراء، من باب قتل-: أي تُضيء، وتستنير من السرور والفرح (أسَارِيرُ وَجْهِهِ) هي الخطوط التي تجتمع في الجبهة، وتتكسّر، واحدها سِرٌّ -بالكسر- أو سَرَرٌ -بفتحتين-، وجمعها أَسْرارٌ، وأسِرَّةٌ، وجمع الجمع أَسَارير. أفاده ابن الأثير (١).

وقال القرطبيّ: أسارير وجهه: هي الطرائق الدقيقة، والتكسّر اليسير الذي يكون في الجبهة، والوجهِ، والغضون أكثر من ذلك، وواحد الأسارير: أسرار، وواحدها سِرٌّ، وسَرَرٌ، فأسارير جمع الجمع، ويُجمع في القلّة أيضًا أَسِرَّة. وهذا عبارة عن انطلاق وجهه، وظهور السرور عليه، وُيعبّر عن خلاف ذلك بالمقَطِّب، أي "المجمع" فكأن الحزن والغضب جمعه وقبضه انتهى (٢).

(فَقَالَ: "أَلَمْ تَرَيْ) فعل مضارع مسند لضمير المؤنّثة المخاطبة، مجزوم بحذف النون؛ لأنه من الأمثلة الخمسة التي ترفع بثبوت النون، وتجزم، وتنصب بحذفها. قال في "الفتح": والمراد من الرؤية هنا الإخبار، أو العلم. وفي "صحيح البخاريّ" في مناقب زيد - رضي اللَّه عنه - من طريق ابن عيينة، عن الزهريّ بلفظ: "ألم تسمعي ما قال المدلجيّ" (أَنَّ مُجَزِّزًا) -بضمّ الميم، وكسر الزاي المشدّدة، وحكي فتحها، وبعدها زاي أخرى- هذا هو المشهور. ومنهم من قال: -بسكون الحاء المهملة، وكسر الراء، ثم زاي-.

قال القرطبيّ: مجرز -بفتح الجيم، وكسر الزاي الأولى- هو المعروف عند الحفّاظ، وكان ابن جريج يقول: مُجزَّز -بفتح الزاي- وقيل عنه أيضًا: مُحْرِز -بحاء مهملة ساكنة، وراء مكسورة- والصواب الأول، فإنه روي أنه إنما سُمي مجزّزًا؛ لأنه كان إذا أخذ أسيرًا جزّ ناصيته. وقيل: لحيته. قاله الزبيريّ انتهى (٣).

وهو مجزّز بن الأعور بن جعدة بن معاذ بن عُتْوَارة بن عمرو بن مُدْلِج الكنانيّ


(١) "النهاية" ٢/ ٣٥٩.
(٢) "المفهم" ٤/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٣) "المفهم" ٤/ ١٩٩.