للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المدلجيّ، نسبة إلى مُدلج بن مرّة بن عبد مناف بن كنانة، وكانت القيافة فيهم، وفي بني أسد، والعرب تعترف لهم بذلك، وليس ذلك خاصًّا بهم على الصحيح. وقد أخرج يزيد بن هارون في "الفرائض" بسند صحيح إلى سعيد بن المسيّب أن عمر - رضي اللَّه عنه - كان قائفًا، أورده في قصّته. وعمر قرشيّ، ليس مُدْلجيًّا، ولا أسديًّا، لا أسد قريش، ولا أسد خزيمة، ومُجزّز المذكور هو والد علقمة بن مجزّز. وذكر مصعب الزبيريّ، والواقديّ أنه سمي مُجزّزًا؛ لأنه كان إذا أخذ أَسيرًا في الجاهليّة جَزَّ ناصيته، وأطلقه. قال الحافظ: وهذا يدفع فتح الزاي الأولى من اسمه، وعلى هذا فكان له اسمٌ غير مجزز، لكنّي لم أر من ذكره. وكان مجزّزٌ عارفًا بالقيافة. وذكره ابن يونس فيمن شهد فتح مصر، وقال: وذكروه في كتبهم. يعني كتب من شهد فتح مصر، قال: ولا أعلم له رواية.

قال الحافظ في "الإصابة": وأغفل ذكره جمهور من صنّف في الصحابة، لكن ذكره أبو عمر في "الاستيعاب". قال: ولولا ذكر ابن يونس أنه شهد الفتوح بعد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لما كان مع من ذكره في الصحابة حجة صريحةٌ على إسلامه، واحتمال أن يكون قال ما قال في حقّ زيد وأسامة قبل أن يُسلم، واعتُبر قوله لعدم معرفته بالقيافة (١) لكن قرينة رضا النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقربه يدلّ على أنه اعتمد خبره، ولو كان كافرًا لما اعتمده في حكم شرعيّ انتهى (٢).

(نَظَرَ) زاد في رواية البخاريّ: "آنفًا" وهو بالمدّ على المشهور، ويجوز قصرها، وبهما قرئ في السبع: ومعناه: قريبًا، أو أقرب وقت (إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنهم -. وفي الرواية التي بعدها: "دخل عليّ، فرأى أسامة بن زيد، وزيدًا، وعليهما قطيفة، قد غطّيا رؤوسهما، وبدت أقدامهما". وفي رواية للبخاريّ: "وأسامة وزيدٌ مضطجعان". قال الحافظ: وفي هذه الزيادة دفع توهّم من يقول: لعلّه حاباهما بذلك لما عرف من كونهم كانوا يطعنون في أسامة انتهى.

(فَقَالَ: إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ) قال أبو داود: نقل أحمد بن صالح عن أهل النسب أنهم كانوا في الجاهليّة يقدحون في نسب أسامة؛ لأنه كان أسود شديد السواد، وكان أبوه زيدٌ أبيض من القطن، فلما قال القائف ما قال، مع اختلاف اللون، سرّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك؛ لكونه كافًّا لهم عن الطعن فيه؛ لاعتقادهم ذلك. وقد أخرجه


(١) هكذا نسخة "الإصابة" وفيها ركاكة، ولعل الصواب إسقاط لفظة "عدم"، وليحرّر. واللَّه تعالى أعلم.
(٢) "فتح" ١٣/ ٥٥٠ "كتاب الفرائض". و"الإصابة" ٩/ ٩٣ - ٩٤.