للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد الرزاق من طريق ابن سيرين أن أمّ أيمن مولاة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كانت سوداء، فلهذا جاء أسامة أسود. وقد وقع في "الصحيح" عن ابن شهاب: أن أمّ أيمن كانت حبشيّةً وَصِيفة لعبد اللَّه والد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. ويقال: كانت من سبي الحبشة الذين قدِموا زمن الفيل، فصارت لعبد المطّلب، فوهبها لعبد اللَّه، وتزوّجت قبل زيد عُبيدًا الحبشيّ، فولدت له أيمن، فكُنيت به، واشتهرت بذلك، وكان يقال لها: أمّ الظباء. قاله في "الفتح".

وقال أبو العبّاس القرطبيّ: قال القاضي: وقال غير أحمد -يعني ابن صالح-: كان زيد أزهر اللون، وكان أسامة شديد الأُدْمة. وزيد بن حارثة عربيّ صريحٌ، من كلب، أصابه سباءٌ، فاشتراه حكيم بن حِزَام لعمّته خديجة بنت خُوَيلد - رضي اللَّه تعالى عنها -، فوهبته للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فتبنّاه، فكان يُدعى زيدَ بن محمد، حتى نزل قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥]، فقيل: زيد بن حارثة. وابن زيد أسامة، وأمه أم أيمن بركة، وكانت تُدعى أمّ الظِّبَاء، مولاة عبد اللَّه بن عبد المطّلب، ودَايةُ (١) رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولم أر لأحد أنها كانت سوداء إلا ما رُوي عن ابن سيرين في "تاريخ أحمد بن سعيد"، فإن كان هذا، فلهذا خرج أسامة أسود، لكن لو كان هذا صحيحًا لم ينكر الناس لونه؛ إذ لا يُنكر أن يلد الإنسان أسود من سوداء (٢). وقد نسبها الناس، فقالوا: أم أيمن بركة بنت محصن بن ثعلبة بن عمرو بن حصين بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان. وقد ذكر مسلم في "الجهاد" عن ابن شهاب: أن أم أيمن كانت من الحبش، وَصِيفة لعبد اللَّه بن عبد المطّلب، أبي النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. وقد ذكره الواقديّ. وكانت للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بركة أخرى حبشيّة، كانت تخدم أم حبيبة، فلعلّه اختلط اسمها على ابن شهاب، على أن أبا عمر قد قال في هذه: أظنّها أم أيمن. أو لعلّ ابن شهاب نسبها إلى الحبشة؛ لأنها من مهاجرة الحبشة. واللَّه تعالى أعلم.

قال القرطبيّ: هذا أظهر. وتزوّجها عُبيد بن زيد، من بني الحارث، فولدت له أيمن، وتزوّجها بعده زيد بن حارثة بعد النبوّة، فولدت له أسامة، شهدت أحدًا، وكانت تُداوي الجرحى، وشهدت خيبر، وتوفّيت في أول خلافة عثمان - رضي اللَّه عنه - بعشرين يومًا، روى عنها ابنها أنس، وأنس بن مالك، وطارق بن شهاب.

قالت أم أيمن: بات رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في البيت، فقام من الليل، فبال في فَخّارة، فقمت، وأنا عطشى، لم أشعر ما في الفخّارة، فشربت ما فيها، فلما أصبحنا، قال: "يا


(١) "البداية": الحاضنة.
(٢) وأجاب الحافظ عن هذا، فقال: يحتمل أنها كانت صافيةً، فجاء أسامة شديد السواد، فوقع الإنكار لذلك. انظر الفتح ١٣/ ٥٥١ "كتاب الفرائض".