(عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيِّ) ويقال: ابن يزيد بن سلمة (عَنْ أَبيهِ، عَنْ جَدِّهِ) تقدّم عن الدارقطنيّ أن عبد الحميد، وأباه، وجدّه لا يعرفون (أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَجَاءَ ابْنْ لَهُمَا صَغِيرٌ، لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ) -بضم، فسكون- والاحتلام: الجماع في النوم، والاسم الْحُلُمُ -بضمتين- كعُنُق. أفاده في "القاموس". والمعنى أنه لم يبلغ مبلغ الرجال (فَأَجْلَسَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم - الْأَبَ هَا هُنَا) أي في جهة (وَالْأُمَّ هَا هُنَا) أي في جهة أخرى (ثَمَّ خَيَّرَهُ) أي خيّر الغلام بين أبويه، حتى يتبع من يريده (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (اللَّهُمَّ اهْدِهِ) أي وفّق هذا الغلام ليختار الإسلام باتباع أبيه المسلم (فَذَهَبَ إِلَى أَبِيهِ) أي فأخذه. وفي رواية للمصنّف في "الفرائض" من "الكبرى" من طريق ابن عليّة، عن عثمان البتّيّ، عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه، عن جدّه: أن أبويه اختصما فيه إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أحدهما مسلمٌ، والآخر كافرٌ، فتوجّه إلى الكافر، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "اللَّهم اهده، فتوجّه إلى المسلم، فقضى له به".
وفيه أن الولد الصغير إذا كان بين مسلم وكافر يخيّر، فأيهما تبع يكون له، وفيه اختلاف بين أهل العلم، سيأتي بيانه في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عبد الحميد بن سلمة الاْنصارقي، عن أبيه، عن جدّه - رضي اللَّه عنه - هذا ضعيفٌ لجهالة عبد الحميد، وأبيه، وجدّه، وللاضطراب في إسناده، فقد أخرجه المصنّف في "الفرائض" من "الكبرى" -٢٦/ ٦٣٨٨ - من طريق حمّاد بن سلمة، عن عثمان البتّيّ، عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه: أن رجلاً أسلم، ولم تسلم امرأته. مرسلٌ.
وقد أخرجه فيه ٢٦/ ٦٣٨٥ - من حديث رافع بن سنان - رضي اللَّه عنه -، بإسناد صحيح، وأخرج هذا أيضًا أبو داود في "سننه"، فقال:
حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أخبرنا عيسى، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، أخبرني أبي، عن جدي، رافع بن سنان، أنه أسلم، وأبت امرأته، أن تسلم، فأتت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقالت: ابنتي، وهي فَطِيم، أو شبهه، وقال رافع: ابنتي، قال له النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "اقعد ناحية"، وقال لها:"اقعدي ناحية"، قال: وأقعد الصبية بينهما، ثم قال:"ادعواها"، فمالت الصبية إلى أمها، فقال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "اللَّهم اهدها"، فمالت الصبية إلى أبيها،