للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأخذها. وهذا حديث صحيح، يعني عن حديث جدّ عبد الحميد.

قال الحافظ أبو الحسن ابن القطّان الفاسيّ -رحمه اللَّه تعالى- في كتابه، بيان الوهم والإيهام" - بعد أن ذكر أن عبد الحقّ قال: اختُلف في إسناد هذا الحديث-: ما نصّه: وهذا الاختلاف أن هذا السياق، وما في معناه هو من رواية عيسى بن يونس، وأبي عاصم، وعليّ بن غُراب، كلهم عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه رافع بن سنان، فإنه عبد الحميد بن جعفر بن عبد اللَّه بن الحكم بن رافع بن سنان. وعبد الحميد ثقة، وأبوه جعفر كذلك، قاله الكوفيّ. ذكر رواية عيسى بن يونس هذه أبو داود، وهو راوي السياق المذكور. وذكر رواية أبي عاصم، وعليّ بن غُراب أبو الحسن الدارقطنيّ في "كتاب السنن"، وسُمّيت البنت المذكورة في رواية أبي عاصم عميرة.

ورُويت القصّة كما هي من طريق عثمان الْبتّيّ، عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه، عن جدّه، أن أبويه اختصما فيه إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أحدهما مسلم، والآخر كافر، فخيّره، فتوجّه إلى الكافر، فقال: "اللَّهم اهده"، فتوجّه إلى المسلم، فقضى به له. هكذا ذكره أبو بكر بن أبي شيبة، عن إسماعيل بن إبراهيم -هو ابن عليّة- عن عثمان البتّيّ. وكذا رواه يعقوب الدورقيّ، عن إسماعيل أيضًا. ورواه يزيد بن زُريع، عن عثمان البتّيّ، فقال فيه: عن عبد الحميد بن يزيد بن سلمة، أن جدّه أسلم، وأبت امرأته أن تُسلم، وبينهما ولدٌ صغير، فذكر مثله. ورواه عن يزيد بن زريع، يحيى بن عبد الحميد الحِمّانيّ، من رواية ابن أبي خيثمة عنه. نقلت جميعها من "كتاب قاسم بن أصبغ"، إلا أن هذه القصّة هكذا بجعل المخيّر غلامًا، وجدا لعبد الحميد بن يزيد بن سلمة لا يصحّ؛ لأن عبد الحميد، وأباه، وجدّه لا يُعرفون، ولو صحّت لم ينبغ أن تُجعل خلافًا لرواية أصحاب عبد الحميد بن جعفر، عن عبد الحميد بن جعفر، فإنهم ثقات، وهو وأبوه ثقتان، وجدّه رافع بن سنان معروف، بل كان يجب أن يقال: لعلهما قصّتان، خُير في إحداهما غلام، وفي الأخرى جارية واللَّه أعلم انتهى كلام ابن القطّان -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحاصل أن الحديث برواية المصنّف هنا ضعيف، وإنما الصحيح أنه من حديث عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، كما أخرجه أبو داود في "سننه" كما سقته آنفًا، وأخرجه هو في "الفرائض" من "الكبرى". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام" ٣/ ٥١٣ - ٥١٥.