للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من سباعيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير أبي ميمونة، فمن رجال الأربعة. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ، وفيه أبو هريرة - رضي اللَّه عنه - أحفظ من روى الحديث في دهره. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ) وفي رواية أبي داود من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج: عن هلال بن أسامة، أن أبا ميمونة سَلْمى، مولًى من أهل المدينة، رجل صدق (قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِندَ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، وفي رواية أبي داود المذكورة: "بينما أنا جالسٌ مع أبي هريرة، جاءته امرأةٌ فارسية، معها ابن لها، فادعياه، وقد طلّقها زوجها، فقالت: يا أبا هريرة -رطنت (١) له بالفارسيّة- زوجي يُريد أن يذهب بابني، فقال أبو هريرة: استهما عليه، ورَطَنَ لها بذلك، فجاء زوجها، فقال: من يُحاقُّني في ولدي؟، فقال أبو هريرة: اللَّهمّ إني لا أقول هذا، إلا أني سمعت امرأةً جاءت إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأنا قاعدٌ عنده، فقالت: يا رسول اللَّه، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني … " الحديث (فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَةَ جَاءَت رَسُولَ اللهِ- صلى اللَّه عليه وسلم -، فَقَالَتْ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي) جملة اسميّة، من مبتدأ وخبر. قال ابن منظور: "الفداء" بالكسر، والمدّ، والفتح مع القصر: فكاك الأسير. يقال: فداه يَفدِيه فِداءَ، وفَدًى، وفاداه يُفاديه مُفاداةً: إذا أعطى فِداءه، وأنقذه. وفداه بنفسه، وفدّاه بالتشديد: إذا قال له: جُعِلتُ فَدَاك. قال: وروى الأزهريّ عن نُصير: قال: تقول العرب: فَدَيته بأبي وأمي، وفَدَيته بمالي، كأنه اشتريته، وخلّصته به، إذا لم يكن أسيرًا، وإذا كان أسيرًا مملوكًا قلت: فاديته، ويجوز أيضًا فَدَيت الأسير، بمعنى خلّصته مما كان فيه، وفاديت أحسن في هذا، وقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} أي جعلنا الذبح فداء له، وخلّصناه به من الذبح. وقال الجوهريّ: "الفداء" إذا كُسر أوله يُمدّ، ويُقصر، وإذا فُتح فهو مقصور. انتهى باختصار وتصرّف (٢).

(إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذهَبَ بِابْنِي، وَقَدْ نَفَعَنِي، وَسَقَانِي مِنْ بئْرِ أَبِي عِنَبَةَ) -بكسر العين المهملة، وفتح النون، وفتح الموحّدة-: بئر على بَرِيد من المَدينة. أظهرت حاجتها إلى الولد، ولعلّ محمل الحديث بعد الحضانة، مع ظهور حاجة الأم إلى الولد، واستغناء الأب عنه، مع عدم إرادته إصلاح الولد. قاله السنديّ. زاد في رواية أبي داود


(١) أي كلّمته بالعجمية.
(٢) "لسان العرب" ١٥/ ١٥٠.