للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المذكورة: "فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: استَهِما عليه". أي اقترعا على الابن. قال الشوكانيّ: فيه دليل على أن القرعة طريق شرعية عند تساوي الأمرين، وأنه يجوز الرجوع إليها، كما يجوز الرجوع إلى التخيير، وقد قيل: إنه يقدّم التخيير عليها، وليس في حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - هذا ما يدلّ على ذلك، بل ربّما دلّ على عكسه؛ لأن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أمرهما أوّلاً بالاستهام، ثم لما لم يفعلا خيّر الولد، وقد قيل: إن التخيير أولى؛ لاتفاق ألفاظ الأحاديث عليه، وعمل الخلفاء الراشدين به انتهى (١) (فَجَاءَ زَوْجُهَا، وَقَالَ: مَنْ يُخَاصِمُنِي فِي ابْنِي) وفي رواية أبي داود: "من يُحاقّني". والْحِقَاق، والاحتقاق: الخِصَام، والاختصام، كما في "القاموس"، أي من يخاصمني في أخذ ولدي (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (يَا غُلَامُ، هَذَا أَبُوكَ، وَهَذِهِ أُمُّكَ، فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ؟ "، فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ) قال الخطّابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: هذا في الغلام الذي قد عقل، واستغنى عن الحضانة، وإذا كان كذلك خُيّر بين والديه انتهى (٢) واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٥٢/ ٣٥٢٣ - وفي "الكبرى" ٥٢/ ٥٦٩٠. وأخرجه (د) في "الطلاق" ٢٢٧٧ (ت) في "الأحكام" ١٣٥٧ (أحمد) في "مسند المكثرين" ٩٤٧٩ (الدارمي) في "الطلاق" ٢٢٩٣. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الئالة): في اختلاف أهل العلم في الصبيّ، إذا أسلم أحد أبويه:

قال العلاّمة ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى-: لا تثبت الحضانة لكافر على مسلم، وبهذا قال مالك، والشافعيّ، وسوّارٌ، والعنبريّ. وقال ابن القاسم، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: تثبت له؛ لما روي عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، رافع بن سنان - رضي اللَّه عنه - أنه أسلم، وأبت امرأته أن تُسلم، فأتت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقالت: ابنتي … الحديث. رواه أبو داود.

قال: ولنا أنها ولايةٌ، فلا تثبت لكافر على مسلم، كولاية النكاح والمال، ولأنها إذا


(١) "نيل الأوطار" ٦/ ٣٥١.
(٢) "معالم السنن" ٣/ ١٨٥.