للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للفاعل، وأصله تتزوّج، فحذف إحدى التاءين. يعني أنه يجوز لها أن تتزوّج؛ لانقضاء عدّتها (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسِ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ) بالنصب، أي تتربّص الأبعد من الأجلين: أجلِ أربعة أشهر وعشر، وأجلِ وضع الحمل، وذلك لأنه جاءت آيتان متعارضتان:

[إحداهما]: تقتضي أن العدّة في حقّها أربعة أشهر وعشر، وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} الآية.

[والثانية]: تقتضي أن العدّة في حقّها وضع الحمل، وهي قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الآية، ولم ندر بأيهما العمل؟، فالوجه العمل بالأحوط، وهو الأخذ بالأجل المتأخّر، فإن تأخّر وضع الحمل عن أربعة أشهر وعشر أخذت به، وإن تقدّم أخذت بالأربعة أشهر وعشر. نعم قد يتساويان، فلا يبقى أبعد الأجلين، بل هما يجتمعان، لكن هذا القسم لقلته لم يُذكر. أفاده السنديّ.

(فَبَعَثُوا إِلَى أُمَّ سَلَمَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنهما -، وفي الرواية الآتية أن المبعوث كريب مولى ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - (فَقَالَتْ: تُوُفِّيَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ) - رضي اللَّه تعالى - عنها، وهو سعد بن خولة - رضي اللَّه عنها - توفّي بمكة عام حجة الوداع. وإنما لم تجب أم سلمة - رضي اللَّه تعالى عنها - عن السؤال بـ "لا"، أو "نعم"، بل ذكرت قصّة سُبيعة؛ لأن فيها الجواب، مع دليله، ولم تذكر الجواب والدليل معًا؛ طلبًا للاختصار (فَوَلَدَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا، بِخَمْسَةَ عَشَرَ، نِصْفِ شَهْرٍ) بجر "نصفِ" بدلاً من "خمسة عشر"، ويجوز قطعه إلى الرفع والنصب، وقد تقدّم اختلاف الروايات في مقدار المدة التي بين وفاة زوجها وولادتها قريبًا (قَالَتْ) أم سلمة - رضي اللَّه تعالى عنهما - (فَخَطَبَهَا رَجُلَانِ) وفي الرواية التالية: "أحدهما شابّ، والآخر كَهْلٌ". والشابّ هو أبو البِشر بن الحارث العبدريّ، من بني عبد الدار، والكهل أبو السنابل بن بَعْكَك القرشيّ العبدريّ (فَحَطَّتْ بِنَفْسِهَا) بحاء مهملة، وطاء مهملة مشدّدة: أي مالت، ونزلت بقلبها (إِلَى أَحَدِهِمَا) وهو الشابّ (فَلَمَّا خَشُوا) بضمّ الشين المعجمة، أصله خَشِيُوا بكسرها، نُقلت ضمته إلى الشين بعد سلب حركتها، وحذفت الياء لالتقاء الساكنين، أي خشي الكهل ومن معه (أَنَّ تَفْتَاتَ بِنَفْسِهَا) أي تنفرد برأيها، فتتزوّج الشابّ. قال الفيّوميّ: يقال: فاته فلانٌ بذراع: سبقه بها، ومنه قيل: افتات فلانٌ افتياتًا: إذا سَبَق بفعل شيء، واستبدّ برأيه، ولم يؤامر فيه من هو أحقّ منه بالأمر فيه، وفلان لا يُفتات عليه -أي بالبناء للمفعول-: أي لا يُفعَل شيء دون أمره انتهى.

وقال السنديّ: افتعال من الفوت، يقال: فاته، وافتاته الأمر: أي ذهب عنه، وأفاته إياه غيره، والباء ههنا للعتدية إلى المفعول الثاني، والأول محذوف، والمعنى أن تُفيتهم