للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مَزّقه …

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: والمكاتبة من أقسام التحمّل، وهو أن يكتب الشيخ حديثه بخطه، أو يأذن لمن يَثِق به بكتبه، ويُرسله بعد تحريره إلى الطالب، ويأذن له في روايته عنه. وقد سوّى البخاريّ بينها وبين المناولة. ورجّح قوم المناولة عليها؛ لحصول المشافهة فيها بالإذن، دون المكاتبة. وقد جوّز جماعة من القدماء إطلاق الإخبار فيهما، والأولى ما عليه المحقّقون من اشتراط بيان ذلك انتهى (١).

(إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ أَرْقَمَ الزُّهْرِيِّ) ولفظ البخاريّ: "أنه كتب إلى ابن الأرقم"، فظنّ جمع من الشرّاح أنه عبد اللَّه بن الأرقم والد عمر هذا، وهو وهم منهم، كما بيّنه في "الفتح".

(يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيعَةَ بنْتِ الْحَارِثِ الأَسْلَمِيّةِ) - رضي اللَّه تعالى عنها - (فَيَسْأَلَهَا حَدِيثَهَا، وَعَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، حِينَ اسْتَفْتَتْهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّه، إِلَى عَبدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيعَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ) بفتح الخاء المعجمة، وسكون الواو، أي كانت زوجًا له (وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا) فيه الإظهار في مقام الإضمار للإيضاح (فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ) بكسر الحاء: المرة من الحجّ، وهو غير قياس، والجمع حِججٌ، مثلُ سدرة وسِدَر. قال ثعلبٌ: قياسه الفتح، ولم يُسمع من العرب. قاله الفيّوميّ. و"الوداع" بفتح الواو اسم من التوديع، يقال: ودّعته توديعًا: إذا شيّعته عند سفره، وإنما سُمي بذلك لأن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - ودّع الناس فيه (وَهِيَ حَامِلٌ) جملة حاليّة، أي والحال أنها حامل من زوجها المتوفّى.

قال الفيّوميّ: حَمَلَت المرأةُ ولدَهَا، وُيجعلُ حَمَلت بمعنى عَلِقَتْ، فيتعدّى بالباء، فيقال: حَمَلت به في ليلة كذا، وفي موضع كذا: أي حَبِلَت، فهي حاملٌ، بغير هاء؛ لأنها صفة مختصّةٌ، وربّما قيل: حاملةٌ بالهاء، قيل: أرادوا المطابقة بينها وبين حَمَلَت.

وقيل: أرادوا مجاز الحمل، إما لأنها كانت كذلك، أو ستكون، فإذا أريد الوصف الحقيقيّ قيل: حاملٌ بغير هاء انتهى (فَلَمْ تَنْشَبْ) أي لم تلبث، ولم تتأخّر. قال ابن الأثير: يقال: لم ينشب أن فَعَلَ كذا: أي لم يلبث، وحقيقته لم يتعلّق بشيء غيره، ولا اشتغل بسواه. انتهى (٢) (أَنْ وَضَعِتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا) بتشديد اللام: أي ارتفعت، أو برأت (تَجَمَّلَت لِلخُطَّابِ) بضمّ الخاء المعجمة، جمع خاطب، ككاتب وكُتّاب (فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، تقدم الخلاف


(١) "فتح" ١/ ٢٠٨.
(٢) "النهاية" ٥/ ٥٢.