مُحَمَّدٍ, عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ, عَنْ عَمَّتِهِ, زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبٍ, عَنِ الْفُرَيْعَةِ بِنْتِ مَالِكٍ, أَنَّ زَوْجَهَا تَكَارَى عُلُوجًا؛ لِيَعْمَلُوا لَهُ, فَقَتَلُوهُ, فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَقَالَتْ: إِنِّي لَسْتُ فِي مَسْكَنٍ لَهُ, وَلَا يَجْرِي عَلَيَّ مِنْهُ رِزْقٌ, أَفَأَنْتَقِلُ إِلَى أَهْلِي وَيَتَامَايَ, وَأَقُومُ عَلَيْهِمْ, قَالَ: «افْعَلِي» , ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ قُلْتِ؟» , فَأَعَادَتْ عَلَيْهِ قَوْلَهَا, قَالَ: «اعْتَدِّي حَيْثُ بَلَغَكِ الْخَبَرُ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "يزيد بن محمد" بن قيس بن مخرمة بن المطّلب بن عبدمناف القرشيّ المطّلبيّ البصريّ مدنيّ الأصل، نزيل مصر، ثقة [٦].
قال الدارقطنيّ: ثقة. وذكره ابن حبّان في "الثقات". روى له البخاريّ، وأبو داود، والمصنّف، وله عنده في هذا الكتاب حديث الباب فقط.
وقوله: "الفريعة" -بضمّ الفاء، وفتح الراء- بصيغة التصغير.
وقوله: "تَكَارَى" تفاعل، من الكِرَاء. أي استأجر. قال الفيّوميّ: الكِرَاء بالمدّ:
الأجرة، وهو مصدر في الأصل، من كاريته، من باب قاتل، والفاعل مُكارٍ على النقص، والجمع مُكارُون، ومُكارِين، مثل قاضون وقاضين، ومُكارِيُّون بالتشديد خطأٌ، وأكريته الدارَ وغيرَها إكراءً، فاكتراه بمعنى آجرته، فاستاجر، والفاعل مُكتَرٍ، ومُكْرٍ بالنقص أيضًا، وجمعهما كجمع المنقوص انتهى.
وهذا لا يعارض ما تقدّم من أنهم عبيده؛ لامكان الجمع بأنهم عبيدٌ لغيره استأجرهم للعمل، فنسبوا إليه مجازًا.
وقولها: "لست في مسكن له" أي ليس ملكًا له، وإنما استأجره، أو استعاره.
وقولها: "ويتاماي" بالرفع عطف على الضمير المستتر في "أنتقل"؛ للفصل بينهما بالجارّ والمجرور، وهو جمع يتيم، ويُجمع أيضًا على أيتام، وهو مضافٌ إلى ياء المتكلّم.
وقوله: "حيث بلغك الخبر" تقدّم أن المراد به بيتها، فلا يكون حجة لمن قال: إنها لا تبرح من مكانها الذي أتاها فيه نعي زوجها، وإن لم يكن بيتها كما تقدّم تحقيقه.
والحديث صحيح، وقد سبق تمام البحث فيه في الحديث الماضي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٥٥٧ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ, عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ, عَنْ زَيْنَبَ, عَنْ فُرَيْعَةَ, أَنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْلَاجٍ لَهُ, فَقُتِلَ بِطَرَفِ الْقَدُّومِ, قَالَتْ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَذَكَرْتُ لَهُ النُّقْلَةَ إِلَى أَهْلِي, وَذَكَرَتْ لَهُ حَالاً مِنْ حَالِهَا, قَالَتْ: فَرَخَّصَ لِي, فَلَمَّا أَقْبَلْتُ نَادَانِي, فَقَالَ: «امْكُثِي فِي أَهْلِكِ, حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»).