للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منزلها-:

وحجة هؤلاء حديث الفريعة بنت مالك، وقد تلقّاه عثمان بن عفّان - رضي اللَّه عنه - بالقبول، وقضى به بمحضر المهاجرين والأنصار، وتلقّاه أهل المدينة، والحجاز، والشام، والعراق، ومصر بالقبول، ولم يُعلَم أن أحدًا منهم طعن فيه، ولا في رواته، وهذا مالك مع تحرّيه، وتشدّده في الرواية، وقوله للسائل له عن رجل، أثقة هو؟ فقال: لو كان ثقة لرأيته في كتبي، قد أدخله في "موطّئه"، وبنى عليه مذهبه. قالوا: ولا ننكر النزاع بين السلف في المسألة، ولكن السنّة تفصل بين المتنازعين. قال أبو عمر ابن عبد البرّ: أما الستة، فثابتةٌ -بحمد اللَّه- وأما الإجماع، فمستغنى عنه مع السنّة، لأن الاختلاف إذا نزل في مسألة كانت الحجة في قول من وافقته السنّة انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي ذكره ابن عبد البرّ، وأيده ابن القيّم --رحمهما اللَّه تعالى-- حسنٌ جدًّا.

والحاصل أن الحقّ قول من قال بأن المتوفى عنها زوجها تعتدّ في بيتها، ولا تخرج منه، إلا للضرورة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في حكم خروجها للضرورة:

إذا تضررت المتوفّى عنها زوجها، فلم تستطع أن تعتدّ في بيتها، بأن خافت هَدْمًا، أو غَرَقًا، أو عَدُوًّا، أو نحو ذلك، أو حوّلها صاحب المنزل؛ لكونه عارية رجع فيها، أو بإجارة، وانقضت مدّتها، أو منعها السكنى تعدّيًا، أو امتنع من إجارته، أو طلب أكثر من أجرة المثل، أو لم تجد ما تكتري به، أولم تجد إلا من مالها، فلها أن تنتقل؛ لأنها حال عذر؛ ولا يلزمها بذل أجر المسكن، وإنما الواجب عليها فعل السكنى، لا تحصيل المسكن، وإذا تعذّرت السكنى سقطت، ولها أن تسكن حيث شاءت. وقال الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-: تنتقل إلى أقرب ما يمكنها النقلة إليه (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحاصل أنه إن لحقها ضرر في سكنى بيتها الذي بلغها وفاة زوجها، وهي فيه، بشيء من الأشياء التي ذُكِرت، فلها أن تنتقل عنه إلى حيث يصلح لها السكنى؛ للضرورة؛ قال اللَّه تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} الآية. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٥٥٦ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ


(١) "زاد المعاد" ٥/ ٦٨٧.
(٢) راجع "المغني" ١١/ ٢٩١ - ٢٩٢.