تنتقل من بيت زوجها حتى تنقضي عدّتها. وهو قول سفيان الثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وغيرهم: للمرأة أن تعتدّ حيث شاءت، وإن لم تعتدّ في بيت زوجها. والقول الأول أصحّ.
وقال ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى-: وممن أوجب على المتوفّى عنها زوجها الاعتداد في منزلها: عمر، وعثمان، وروي ذلك عن ابن عمر، وابن مسعود، وأم سلمة - رضي اللَّه عنهم - وبه يقول مالكٌ، والثوريّ، والأوزاعيّ، وأبو حنيفة، والشافعيّ، وإسحاق. قال ابن عبد البرّ: وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز، والشام، والعراق، ومصر.
وقال جابر بن زيد، والحسن، وعطاء: تعتدّ حيث شاءت. وروي ذلك عن عليّ، وابن عبّاس، وجابر، وعائشة - رضي اللَّه عنهم -. قال ابن عبّاس: نَسَخَت هذه الآية عدّتها عند أهله، وسكنت في وصيّتها، وإن شاءت خرجت؛ لقول اللَّه تعالى:{فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ}. قال عطاء: ثم جاء الميراث، فنسخ السكنى، تعتدّ حيث شاءت. رواهما أبو داود.
واحتجّ الأولون بحديث فريعة بنت مالك - رضي اللَّه تعالى عنها - المذكور في الباب، وهو حديث صحيحٌ، قضى به عثمان في جماعة الصحابة، فلم ينكروه إذا ثبت هذا، فإنه يجب الاعتداد في المنزل الذي مات زوجها، وهي ساكنة به، سواء كان مملوكًا لزوجها، أو بإجارة، أو عارية؛ لأن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال للفريعة:"امكثي في بيتك"، ولم تكن في بيت يملكه زوجها، وفي بعض ألفاظه:"اعتدّي في البيت الذي أتاك فيه نعي زوجك"، وفي لفظ:"اعتدّي حيث أتاك الخبر"، فإن أتاها الخبر في غير مسكنها، رجعت إلى مسكنها، فاعتدّت فيه.
وقال سعيد بن المسيّب، والنخعيّ: لا تبرح من مكانها الذي أتاها فيه نعي زوجها؛ اتباعًا للفظ الخبر الذي رويناه.
والأول أصحّ؛ لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "امكثي في بيتك"، واللفظ الآخر قضيّةٌ في عين، والمراد به هذا، فإن قضايا الأعيان لا عموم لها، ثم لا يمكن حمله على العموم؛ فإنه لا يلزمها الاعتداد في السوق، والطريق، والبرّيّة، إذا أتاها الخبر، وهي فيه. انتهى ملخصًا من كلام ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى- (١).
وقال العلامة ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى- بعد أن ذكر القائلين بوجوب العدة في