للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للتزيّن،، أو التطيّب، كالتدهّن بالزيت في شعر الرأس، أو غيره (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم فيما تجتنبه الحادّة من اللباس:

قال الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: أجمع العلماء على أنه لا يجوز للحادّة لبس الثياب المعصفرة، ولا المصبّغة، إلا ما صُبغ بسواد، فرخّص في المصبوغ بالسواد عروة بن الزبير، ومالكٌ، والشافعيّ، وكرهه الزهريّ، وكره عروة العصب، وأجازه الزهريّ،. وأجاز مالك غليظه. قال النوويّ: والأصحّ عند أصحابنا تحريمه مطلقًا، وهذا الحديث حجة لمن أجازه.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: معلوم لدى كلّ منصف أن من كان الحديث حجته، حجّ خصمه، فمن أيّده الحديث من الرجال، لا يستطيع أن يقاومه ألف أبطال.

قال ابن المنذر: رخّص العلماء في الثياب البيض، ومنع بعض متأخري المالكيّة البيض الذي يتزيّن به، وكذلك جيّد السواد. وجوّز الشافعيّة كلّ ما صبغ، ولا تقصد منه الزينة، ويجوز لها لبس الحرير في الأصحّ، ويحرم حليّ الذهب والفضّة، وكذلك اللؤلؤ، وفي اللؤلؤ وجه أنه يجوز. قاله النوويّ (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تحريم أنواع الحليّ عليها هو الصواب، لما أخرجه أحمد في "مسنده"، وأبو داود في "سننه"، بإسناد صحيح: من طريق الحسن بن مسلم، عن صفيّة بنت شيبة، عن أم سلمة، زوج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أنه قال: "المتوفى عنها زوجها، تلبس المعصفر من الثياب، ولا الْمُمَشَّقَة، ولا الْحُلِيّ، ولا تختضب، ولا تكتحل". وهو الحديث الآتي للمصنّف بعد هذا، لكن ليس فيه "ولا الحليّ".

والحاصل أنها تمتنع من أنواع الطيب، إلا قطعة من القسط عند اغتسالها من محيضها، ولا تلبس الثياب المصبوغة، إلا المعصوب، فيجوز لها لبسه، ولا المعصفر، ولا تلبس الممشَّقة، أي المصبوغة بالمشق، وهو المغرة (٣)، ولا تستعمل الخضاب بالحناء وغيره، ولا الاكتحال، ولا تلبس أنواع الحليّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٥٦٢ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ, قَالَ: حَدَّثَنِي بُدَيْلٌ, عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ, عَنْ صَفِيَّةَ


(١) "فتح" ١٠/ ٦١٦.
(٢) "شرح مسلم" ١٠/ ٣٥٥ - ٣٥٦.
(٣) "المغرة" بفتح الميم، والغين، وتسكّن تخفيفًا: الطين الأحمر. قاله في "المصباح".