للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على أصله في أن القبض شرطٌ، وأن القبض لا يصحّ في المشاع. واحتجّ الأولون بحديث الباب، فإن عمر - رضي اللَّه تعالى عنه - استأذن النبيّ في أمر مائة سهم من خيبر، فأمره بوقفها، قال ابن قُدامة: وهذا صفة المشاع، ولأنه عقدٌ يجوز على بعض الجملة مُفرزّا، فجاز عليه مشاعًا، كالبيع، أو عَرْصَة يجوز بيعها، فجاز وقفها، كالمفرزة؛ ولأن الوقف تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة، وهذا يحصل في المشاع، كحصوله في الْمُفْرَز، ولا نُسلّم اعتبار القبض، وإن سلّمنا، فإذا صحّ في البيع صحّ في الوقف. انتهى كلام ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: القول بصحة وقف المشاع هو الحقّ؛ لصحّة حديث الباب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٦٣٠ - (أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: إِنَّ الْمِائَةَ سَهْمٍ, الَّتِي لِي بِخَيْبَرَ, لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ, أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْهَا, قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا, فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «احْبِسْ أَصْلَهَا, وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث صحيح، وقد تقدّم البحث عنه مستوفًى في الباب الماضي، ورجال الإسناد رجال الصحيح، سوى شيخه سعيد بن الرحمن المخزوميّ، أبي عبيد اللَّه المكيّ، فإنه تفرّد به هو، والترمذيّ، وهو ثقة، من صغار [١٠] ٤١/ ١٢٧٧.

[تنبيه]: قوله: "إن المائة سهم" فيه إشكالٌ، حيث إن القاعدة النحويّة تقضي بأن العدد المضاف إذا أريد تعريفه يُعرّف المضاف إليه، دون المضاف، فيقال: ثلاثة الأثواب، ومائة الدرهم، وألف الدينار، هذا عند البصريين، وأجاز الكوفيّون تعريفهما، فيقال: الثلاثة الأثواب؛ تشبيهًا له بالحسن الوجه، وما هنا وقع على العكس، فعرّف المضاف، ونكّر المضاف إليه، وهذا لم يقل بجوازه أحدٌ من النحاة، فيما علمت، ووقع نحو هذا في "صحيح البخاريّ" في لاباب الكفالة بالقرض والديون وفيه: ثم قَدِمَ الذي كان أسلفه، وأتى بالألف دينار"، وقد أوله الدمامينيّ -رحمه اللَّه تعالى- بتقدير مضاف، مبدَلٍ من المعرّف، أي بالألف، ألف دينار، قال: ولا يقال: إن "ال" زائدة؛ لأن ذلك لا ينقاس. نقله الصبّان في حاشية الأشمونيّ على ألفية ابن مالك، في باب "المعرَّفُ بأداة التعريف" (٢).


(١) "المغني" ٨/ ٢٣٣. "كتاب الوقف".
(٢) راجع حاشية الصبّان على الأشمونيّ ١/ ١٨٦ - ١٨٨.