للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طريقه، فقال: "بمكّة"، ولم يذكر الفتح، قال الحافظ: وقد وجدت لابن عيينة مستندًا فيه، وذلك فيما أخرجه أحمد (١)، والبزّار، والطبرانيّ، والبخاريّ في "التاريخ"، وابن سعد من حديث عمرو بن القاري "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قَدِمَ، فخلّف سعدًا مريضًا، حيث خرج إلى حُنين، فلما قدِم من الجعرانة، معتمرًا، دخل عليه، وهو مغلوبٌ، فقال: يا رسول اللَّه إن لي مالاً، وإني أورث كلالةً، أفأوصي بمالي … " الحديث، وفيه: قلت: يا رسول اللَّه، أموت أنا بالدار التي خرجت منها مهاجرًا؟، قال: لا، إني لأرجو أن يرفعك اللَّه حتى ينتفع بك أقوام … " الحديث، فلعلّ ابن عيينة انتقل ذهنه من حديث إلى حديث، ويمكن الجمع بين الروايتين بأن يكون ذلك وقع له مرّتين: مرّة عام الفتح، ومرّةً عام حجة الوداع، ففي الأولى لم يكن له وارثٌ من الأولاد أصلاً، وفي الثانية كانت له ابنةٌ فقط، فاللَّه أعلم قاله في "الفتح" (٢).

وفي رواية سعد بن إبراهيم الآتية بعد حديث: كان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يعوده، وهو بمكة، وهو يكره أن يموت بالأرض الذي هاجر منها، قال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "رحم اللَّه سعد بن عفراء، أو يرحم اللَّه سعد بن عفراء".

(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي مَالاً كثِيرًا، وَلَيْسَ يَرِثُنِي، إِلاَّ ابْنَتِي) قال النوويّ وغيره: معناه لا يرثني من الولد، أو من خواصّ الورثة، أو من النساء، وإلا فقد كان لسعد عصبات؛ لأنه من بني زُهرة، وكانوا كثيرًا. وقيل: معناه لا يرثني من أصحاب الفروض، أو خصّها بالذكر على تقدير: لا يرثني ممن أخاف عليه الضَّيَاع والعجز إلا هي، أو ظنّ أنها ترث جميع المال، أو استكثر لها نصف التركة،

قال الحافظ: وهذه البنت زعم بعض من أدركناه أن اسمها عائشة، فإن كان محفوظًا، فهي غير عائشة بنت سعد التي روت هذا الحديث عنه عند البخاريّ، وهي


(١) ونصّ أحمد في "مسنده":
١٦١٤٨ - قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا وهيب، حدثنا عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، عن عمرو بن القاريّ، عن أبيه، عن جده، عمرو بن القاري، أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قدم، فخلّف سعدا مريضا، حيث خرج إلى حنين، فلما قدم من جعرانة معتمرا، دخل عليه، وهو وجع مغلوب، فقال: يا رسول اللَّه، إن لي مالا، وإني أورث كلالة، أفأوصي بمالي كله؟، أو أتصدق به؟، قال: "لا"، قال أفأوصي بثلثيه؟ قال: "لا"، قال: أفأوصي بشطره؟، قال: "لا"، قال: أفأوصي بثلثه؟ قال: "نعم، وذاك كثير"، قال: أي رسول اللَّه، أموت بالدار التي خرجت منها مهاجرا؟، قال: "إني لأرجو أن يرفعك اللَّه، فينكأ بك أقواما، وينفع بك آخرين، يا عمرو بن القاري، إن مات سعد بعدي، فها هنا، فادفنه، نحو طريق المدينة"، وأشار بيده هكذا. وإسناده ضعيف؛ لجهالة حال عمرو بن القاري. انظر "المسند" المحقق بإشرات الشيخ شعيب الأرنؤوط جـ ٢٧ ص ١٢٥.
(٢) "فتح" ٦/ ١٣.