تابعيّةٌ عُمّرت حتى أدركها مالكٌ، وروى عنها، وماتت سنة سبع عشرة ومائة، لكن لم يذكر أحدٌ من النسّابين لسعد بنتًا تُسمّى عائشة غير هذه، وذكروا أن أكبر بناته أم الحكم الكبرى، وأمها بنت شهاب بن عبد اللَّه بن الحارث بن زُهرة، وذكروا له بنات أخرى أمهاتهنّ متأخّرات الإسلام بعد الوفاة النبويّة، فالظاهر أن البنت المشار إليها هي أم الحكم المذكورة؛ لتقدّم تزويج سعد بأمّها، ولم أر من حرّر ذلك. انتهى (١) كلام الحافظ.
(أَفَأَتَصَدَّقُ بثُلُثَي مَالِي؟) وفي الرواية التالية: "أوصي بمالي كلّه". قال الحافظ: فأما التعبير بقوله: "أفاتصدّق"، فيحتمل التنجيز والتعليق، بخلاف "أفاوصي"، لكن المخرج متّحد، فيحمل على التعليق للجمع بين الروايتين، وقد تمسّك بقوله:"أتصدّق" من جعل تبرّعات المريض من الثلث، وحملوه على المنجّزة، وفيه نظرٌ؛ لما بيّنته.
وأما الاختلاف في السؤال، فكأنه سأل أوّلَا عن الكلّ، ثم سأل عن الثلثين، ثم سأل عن النصف، ثم سأل عن الثلث، وقد وقع مجموع ذلك في رواية جرير بن يزيد عند أحمد، وفي رواية بُكير بن مِسمار عن النسائيّ، كلاهما عن عامر بن سعد،، وكذا أوّلهما من طريق محمد بن سعد، عن أبيه، ومن طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعد انتهى.
(قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (لَا) أي لا ينبغي لك أن تتصدّق بثلثي مالك (قُلْتُ: فَالشَّطْرِ؟) بالجرّ عطفًا على قوله: "بثلثي مالي"، أي فأتصدّق بالنصف، وهذا رجّحه السهيليّ، وقال الزمخشريّ: هو بالنصب على تقدير فعل، أي أُسمّي الشطر، أو أُعيّن الشطر. ويجوز الرفع على تقدير: أيجوز الشطرُ.
(قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (لَا، قُلْتُ: فَالثُّلُثَ؟) إعرابه كإعراب "الشطر"(قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (الثُّلُثَ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) قال في "الفتح": كذا في أكثر الروايات، وفي رواية الزهريّ عند البخاريّ في "الهجرة": "قال: الثلث يا سعد، والثلث كثير"، ولْي رواية مصعب بن سعد، عن أبيه، عند مسلم:"قلت: فالثلث؟ قال: نعم، والثلث كثير"، وفي رواية عائشة بنت سعد، عن أبيها عند البخاريّ:"قال: الثلث، والثلث كبير، أو كثير"، وكذا للنسائيّ-٣٦٥٨ - من طريق أبي عبد الرحمن السُّلَمِيّ، عن سعد، وفيه:"فقال: أوصيتَ؟، فقلت: نعم، قال: بكم؟ قلت: بمالي كلّه، قال: فما تركت لولدك؟ "، وفيه:"أوص بالعشر، قال: فما زال يقول، وأقول، حتى قال: أَوْصِ بالثلث، والثلث كثير، أو كبير". يعني