للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكوفيّ ثقة [٦].

وقوله: "دون سنين" أي من غير ضَمِّ سنين إلى هذه السنة، يعني أن ديونه لكثرتها لا يفي بها ما يخرُج من نخله في هذه السنة، بل لا بدّ من سنين كثيرة، تزاد على هذه السنة. وفي "الكبرى": "دون سنتين" بصيغة التثنية.

وقوله: "يُفحِش" بضمّ أوله، من الإفحاش، أي يسيئوا إليّ القول، يقال: أفحش الرجل: أتى بالفُحْش، وهو القول السيّء. قاله في "المصباح".

وقوله: "الغُرّام" -بضمّ الغين المعجمة، وتشديد الراء- جمع غَرِيم، قال ابن الأثير -رحمه اللَّه تعالى-: الْغُرّام جمع غَريم، كالْغُرَمَاء، وهو أصحاب الدين، وهو جمع غريب. انتهى (١).

وقال في "اللسان": وأما ما حكاه ثعلبٌ في خبرٍ من أنه لما قعد بعض قريش لقضاء دينه أتاه الْغُرَّامُ، فقضاهم دينه. قال ابن سيده: فالظاهر أنه جمع غَرِيم، وهذا عزيزٌ؛ لأن فَعِيلاً لا يُجمع على فُعّال، إنما فُعّال جمع فاعل، قال: وعندي أن غُرّامًا جمع مُغْرَمٍ على طرح الزوائد، كأنه جمع فاعل من قولك: غَرَمَهُ، أي غَرَّمَهُ، وإن لم يكن ذلك مقولاً. قال: وقد يجوز أن يكون غارم على النسب، أي ذو إغرام، أو تغريمٍ، فيكون غُرّامٌ جمعًا له. قال: ولم يقل ثعلب في ذلك شيئًا. انتهى (٢)).

وقوله: "فسلّم حوله"، ولفظ "الكبرى": "فمشى حوله، وهو واضح، ولعل معنى: "فسلّم" هنا: دعا له بأن يسلم من النقص عن وفاء ديون والد جابر، أو المعنى. سلّم أمره إلى اللَّه تعالى، وفوّضه إلي؛ ليجعل بركته عليه، فيوفّي ديونه. واللَّه تعالى أعلم.

والحديث أخرجه البخاريّ، وقد سبق تمام شرحه، وبيان مسائله في حديث الباب الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه الموضع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٦٦٥ - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ, عَنْ مُغِيرَةَ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, عَنْ جَابِرٍ, قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ, قَالَ: وَتَرَكَ دَيْنًا, فَاسْتَشْفَعْتُ بِرَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَضَعُوا مِنْ دَيْنِهِ شَيْئًا, فَطَلَبَ إِلَيْهِمْ, فَأَبَوْا فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «اذْهَبْ, فَصَنِّفْ تَمْرَكَ أَصْنَافًا, الْعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ, وَعَذْقَ ابْنِ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ, وَأَصْنَافَهُ, ثُمَّ ابْعَثْ إِلَيَّ» , قَالَ: فَفَعَلْتُ, فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَجَلَسَ فِي أَعْلَاهُ, أَوْ فِي أَوْسَطِهِ, ثُمَّ قَالَ: «كِلْ لِلْقَوْمِ» , قَالَ: فَكِلْتُ لَهُمْ, حَتَّى أَوْفَيْتُهُمْ, ثُمَّ بَقِيَ تَمْرِي, كَأَنْ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ).


(١) "النهاية" ٣/ ٣٦٣.
(٢) "لسان العرب" ١٢/ ٤٣٧.