للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحاصل أن القول بعدم جواز الوصيّة للوارث مطلقًا، أجازها الورثة، أم لا، هو الحقّ؛ لهذه الأدلة الواضحة، وأما الاستثناء المذكور، فإنه ضعيف، لا تقوم به الحجّة، بل قال بعضهم: إنه مثكر، وأما ما ذكره ابن قدامة من التعليل بأنه تصرّف صدر من أهله في محلّه، فصحّ، فإنه تعليل عقليٌّ في مقابلة النصّ، فلا يُلتفت إليه، ولقد سبق غير مرّة أن ذكرنا قول من قال، وأجاد في المقال:

إِذَا جَالَتْ خُيُولُ النَّصَّ يَوْمًا … تجُارِي فِي مَيَادِينِ الْكِفَاحِ

غَدّتْ شُبَهُ الْقِيَاسِيِّينَ صَرْعَى … تَطِيرُ رُؤُوسُهُنَّ مَعَ الرِّيَاحِ

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٦٦٩ - (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ, عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ, أَنَّ ابْنَ غَنْمٍ ذَكَرَ, أَنَّ ابْنَ خَارِجَةَ, ذَكَرَ لَهُ, أَنَّهُ شَهِدَ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, يَخْطُبُ النَّاسَ, عَلَى رَاحِلَتِهِ, وَإِنَّهَا لَتَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا, وَإِنَّ لُعَابَهَا لَيَسِيلُ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فِي خُطْبَتِهِ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَسَّمَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ, قِسْمَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ, فَلَا تَجُوزُ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "خالد": هو ابن الحارث الْهُجَيميّ البصريّ. وقوله: "حدثنا شعبة" هكذا نسخ "المجتبى"، والذي في "الكبرى": "حدّثنا سعيد" يعني ابن أبي عروبة. وكذلك ذكر في "تحفة الأشراف" ٨/ ١٥٠ - ١٥١ اختلاف النسخ، فقال: "عن شعبة"، وفي نسخة "عن سعيد".

والظاهر أن سعيدًا أصحّ، لأن ابن ماجه أخرجه في "سننه" عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، عن سعيد، عن قتادة الخ.

وأيضًا فإن المعروف أن شعبة لا يروي لشهر بن حوشب. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "وإنها لتقصع بجرتها": قال في "القاموس": قَصَعَتِ الناقةُ بِجِرَتها، كمنعت: ردّتها إلى جوفها، أو مَضغتها، أو هو بعدَ الدَّسْعِ، وقبل المَضْغِ، أو هو أن تملأ بها فاها، أو شِدّة المضْغ انتهى.

وقال الأزهريّ: الجِرَة بالكسر ما تخُرجه الإبل من كُرُوشها، فتَجترّه، فالجِرَّةُ في الأصل للمعدة، ثم تَوَسّعوا فيها حتى أطلقوها على ما في المعدة، وجمع الجِرَة جِرَرٌ، مثلُ سِدْرَة، وسِدَر. انتهى. قاله في "المصباح".

وقال في "النهاية": القَصْعُ: شدّة المضغ، والْجِرَّةُ: ما يُخرجه البعير من بطنه ليَمْضَغَه، ثم يَبلَعَه، يقال: اجترّ البعير يَجترّ. قال: أراد شدّة المضغ، وضمّ بعض الأسنان على بعض. وقيل: قَصْع الجزة خروجها من الجوف إلى الشِّدق، ومتابعة