الترجمة التسوية بين الوقف، والوصية فيما يتعلّق بالأقارب. وقد استطرد المصنّف من هنا إلى مسائل الوقف، فترجم لما ظهر له منها، ثم رجع أخيرًا إلى تكملة "كتاب الوصايا". وقد قال الماورديّ: تجوز الوصيّة لكلّ من جاز الوقف عليه، من صغير، وكبير، وعاقل، ومجنون، وموجود، ومعدوم، إذا لم يكن وارثًا، ولا قاتلاً. والوقف منع بيع الرقبة، والتصدّق بالمنفعة على وجه مخصوص. انتهى (١).
وسيأتي بيان اختلاف العلماء في الأقارب، في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى.
٣٦٧١ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ, عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ, عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] دَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قُرَيْشًا, فَاجْتَمَعُوا, فَعَمَّ, وَخَصَّ, فَقَالَ: «يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ, يَا بَنِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ, يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ, وَيَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ, وَيَا بَنِي هَاشِمٍ, وَيَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ, أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ, وَيَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ, إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا, غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا, سَأَبُلُّهَا بِبِلَالِهَا»).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (إسحاق) بن إبراهيم الحنظليّ المروزيّ، ثم النيسابوريّ، المعروف بابن راهويه، ثقة ثبت مجتهد [١٠] ٢/ ٢.
٢ - (جرير) بن عبد الحميد بن قُرط الضبّي، أبو عبد اللَّه الكوفيّ، نزيل الريّ وقاضيها، ثقة صحيح الكتاب [٨] ٢/ ٢.
٣ - (عبد الملك بن عُمير) بن سُويد اللِّخمِيّ الفَرَسيّ الكوفيّ، ثقة فقيه، تغيّر حفظه، وربّما دلّس [٣] ٤١/ ٩٤٧.
٤ - (موسى بن طلحة) بن عبيد اللَّه: هو التيميّ، أبو عيسى، أو أبو محمد المدنيّ، نزيل الكوفة، ثقة جليل [٢] ١٠/ ٤٦٨.
٥ - (أبو هريرة) - رضي اللَّه تعالى عنه - ١/ ١. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. (ومنها): أن فيه أبا هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - رأس المكثرين من الرواية، روى (٥٣٧٤) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.
(١) "فتح" ٦/ ٣٢ - ٣٣. "كتاب الوصايا".