للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طاعته في امتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وفي ما عليه من الثمن. وباللَّه تعالى التوفيق.

(وَيَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَقسَكِ مِنَ النَّارِ، إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) أي من رحمته، أو دفع عذابه، أو بدله. وثبوتُ الشفاعة لا يوجب أنه يملك شيئًا، سيّما إذا كان محتاجًا فيها إلى الإذن من اللَّه تعالى، فقد قال اللَّه تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} الآية [الزمر: ٤٤]. وقال النووي: معناه: لا تتكلوا على قرابتي، فإني لا أقدر على دفع مكروه يرده اللَّه تعالى بكم انتهى (١).

(غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا) اسثناء منقطع (سَأَبُلُّهَا) بضمّ الباء الموحّدة، من بلّ الرحم، من باب نصر: إذا وصدها، أي سأصلها في الدنيا، ولا أغني من اللَّه شيئًا. كذا في "النهاية". وقال السنديّ: أو بالشفاعة في الآخرة، أي إن آمنتم، لكن الوصل المشهور هو وصل الدنيا، لا وصل الآخرة. واستُعير الْبّلُّ لوصل الرحم؛ لأن بعض الأشياء تتصل بالنداوة، وتتفرّق باليبس، فاستُعير البلّ للوصل، واليبس للقطيعة (بِبِلَالِهَا) قال في "القاموس": بِلالٌ ككتاب: الماء، ويُثلّث، وكلّ ما يُبلّ به الحلقُ. وفي "المجمع": البِلالُ بكسر الباء، وئروى بفتحها، قيل: شَثهَ القطيعةَ بالحرارة، تطفا بالما. وفي "النهاية": البِلال جمع بَلَلٍ. وقيل: هو كلّ ما بلّ الحلق من ماء، أو لبن، أو غيره (٢). انتهى.

وقال النوويّ: ضبطناه بفتح الباء الثانية، وكسرها، وهما وجهان مشهوران، ذكرهما جماعات من العلماء. قال القاضي عياض: رويناه بالكسر، قال: ورأيت للخطّابيّ أنه بالفتح. وقال صاحب "المطالع": رويناه بكسر الباء، وفتحها، من بلّه يبُلّه، والبلال: الماء. ومعنى الحديث: سأصلها، شُبّهت قطيعة الرحم بالحرارة، ووصلها بإطفاء الحرارة ببرودة، ومنه "بُلُّوا أرحامكم" أي صلوها. انتهى (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "شرح مسلم" ٢/ ٨٠.
(٢) "النهاية" ١/ ١٥٣.
(٣) "شرح النوويّ" ٢/ ٨٠. "كتاب الإيمان".