للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورسالة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - كفاه ذلك. (ومنها): أن فيه الردّ على المتكلّمين الذين يقولون بوجوب النظر، وقد استوفيت الردّ عليهم بما نقل عن سلف هذه الأمة، في إبطالهم هذا الشرط الفاسد فيما كتبته على "الكوكب الساطع" في أصول الفقه، عند قوله:

أَوَّلُ وَاجبِ عَلَى الْمُكَلَّفِ … مَعْرِفَة اللَّهِ وَقِيلَ الْفِكْرُ فِي

دَلِيلِهِ وَقِيلَ أَوَّلُ النَّظَرْ … وَقِيلَ قَصْدُهُ إِلَيْهِ الْمُعْتَبَرْ

فهذه الأقوال غير الأول أقوال فاسدة، ليس عليها أثارة من علم، بل هي معارضة لما جاء به النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، بل قال أبو جعفر السمنانيّ، وهو من رؤوس الأشاعرة: إن هذه المسألة -يعني وجوب النظر في الأدلة- بقيت في مقالة الأشعريّ من مسائل المعتزلة، وتفرّع عليها أن أول الواجب على كلّ مكلّف معرفة اللَّه بالأدلّة الدّالّة عليه، وأنه لا يكفي التقليد في ذلك انتهى.

والحاصل أن هذا المذهب مخالف لهدي النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، حيث إنه كان يلقّن كلّ من جاءه الشهادتين، ولا يطالب أحدًا بإقامة البرهان على إيمانه، كما يزعمه المتكلمون، بل قال: "أمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدا رسول اللَّه، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على اللَّه". متّفقٌ عليه، وسيأتي هذا البحث مستوفي في "كتاب الإيمان" إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٦٨١ - (أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى, قَالَ: أَنْبَأَنَا (١) سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرٍو, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ سَعْدًا (٢) , سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ, وَلَمْ تُوصِ, أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا, قَالَ: «نَعَمْ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا. و "الحسين بن عيسى": أبو عليّ البسطاميّ الْقُومسيّ، نزيل نيسابور، صدوق [١٠]. و"سفيان": هو ابن عيينة. "وعمرو": هو ابن دينار. و"عكرمة": هو مولى ابن عبّاس.

وحديث ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما - هذا يُعلم شرحه من شرح حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - السابق في الباب الماضي.

أخرجه المصنّف هنا -٨/ ٣٦٨١ و ٣٦٨٢ - وفي "الكبرى" ٨/ ٦٤٨١ و ٦٤٨٢ - وأخرجه (خ) في "الوصايا" ٢٧٥٦ و ٢٧٧٠ (د) في "الوصايا" ٢٨٨٢ (ت) في "الزكاة"


(١) وفي نسخة: "أنا"، وفي أخرى: "ثنا".
(٢) أي ابن عُبادة.