للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧ - (أبو ذرّ) جُندب بن جُنادة، وقيل: غير ذلك الصحابيّ المشهور - رضي اللَّه عنه - ٢٠٣/ ٣٢٢. واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من سباعيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من رجال الأربعة. (ومنها): أنه مسلسل بالمصريين، غير شيخه، فبغداديّ، وعبد اللَّه بن يزيد، فمكيّ، وأبي ذرّ - رضي اللَّه عنه - فمدنيّ. (ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض: عبيد اللَّه، وسالم، وأبوه. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي ذَرِّ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يَا أَبَا ذَرّ، إِنِيِّ أَرَاكَ ضَعِيفًا) أي غير قادر على تحصيل مصالح الإمارة، ودرء مفسادها (وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي) أي من السلامة عن الوقوع في المحذور. وقيل: تقديره لو كان حالي كحالك في الضعف، وإلا فقد كان - صلى اللَّه عليه وسلم - متولّيًا على أمور المسلمين، حكما عليهم، فكيف يصِحّ قوله: "أُحبّ لك ما أُحبّ لنفسي". والتفسير الأول أقرب. واللَّه تعالى أعلم (لَا تَأَمَّرَنَّ) -بتشديد الميم، ونون التوكيد الثقلية- أي لا تسلّطّن، ولا تصيرينّ أميرًا (عَلَى اثْنَيْنِ) أراد به عدم التولّي مطلقًا، فعبّر بأقلّ ما يمكن الحكم فيه بين الخصوم (وَلَا تَوَلَّيَنَّ عَلَى مَالِ يَتِيمٍ).

وفي رواية مسلم من طريق عبد الرحمن بن حُجيرة الأكبر، عن أبي ذرّ - رضي اللَّه عنه - قال: قلت: يا رسول اللَّه، ألا تستعملني؟، قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: "يا أبا ذرّ، إنك ضعيفٌ، وإنها أمانةٌ، وإنها يوم القيامة خزيٌ، وندامةٌ، إلا من أخذها بحقّها، وأدّى الذي عليه فيها".

قال أبو العبّاس القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إنك ضعيفٌ": أي ضعيفٌ عن القيام بما يتعيّن على الأمير، من مراعاة مصالح رعيّته الدنيويّة والدينيّة. ووجه ضعف أبي ذرّ - رضي اللَّه عنه - عن ذلك أن الغالب عليه كان الزهد، واحتقار الدنيا، وترك الاحتفال بها، ومن كان هذا حالَهُ لم يَعتنِ بمصالح الدنيا، ولا بأموالها اللذين بمراعاتهما تنتظم مصالح الدين، ويتمّ أمره. وقد كان أبو ذرّ - رضي اللَّه عنه - أفرط في الزهد في الدنيا، حتى انتهى به الحالُ إلى أن يُفتي بتحريم الجمع للمال، وإن أُخرجت زكاته، وكان يرى أنه الكنز الذي توعّد اللَّه عليه بكَيّ الوجوه، والْجُنُوب، والظُّهُور، فلما علم النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - منه