للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأن تلك السبع هي التي دعت الحاجة إليها في ذلك الوقت، أو التي سُئل عنها في ذلك الوقت، وكذلك القول في كلّ حديث خصّ عددًا من الكبائر. واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- (١).

(قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هِيَ؟، قَالَ: "الشِّركُ بِاللَّهِ) يجوز في "الشرك" وما عطف عليه النصب، والرفع، فالنصب على البدلية من "السبع"، أو على أنه مفعول لفعل محذوف، أي "أعني"، ونحوه.

وكون الشرك من الكبائر، بل هو أكبرها على الإطلاق، صريح النصّ القرآنيّ، حيث قال سبحانه وتعالى: {وَإِذْ قَالَ: لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]. وأخرج الشيخان من حديث ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -، قال: قلت: يا رسول اللَّه، أيُّ الذنب أعظم؟، قال: "أن تجعل للَّه ندا، وهو خلقك قلت: ثم أيّ؟، قال: "أن تقتل ولدك، خشية أن يأكل معك قال: ثم أيّ؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك"، وأنزل اللَّه تصديق قول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآية [الفرقان: ٦٨].

وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: وأما قبح الكفر، وكونه من أكبر الكبائر، فكان معروفًا عندهم، ولا يتشكّك أحدٌ من أهل القبلة في ذلك. انتهى (٢).

(وَالسِّحْرُ) هكذا في النسخة الهنديّة، وهو الموافق لما في "الصحيحين ووقع في النسختين المطبوعتين: "والشحّ"، بدل "السحر"، وسقطت هذه الكلمة من "الكبرى" أصلًا (٣)، والظاهر أنها سقطت من النسّاخ، لا من أصل الرواية؛ لأن السبع تكون ناقصة بدونها، فتنبّه.

و"السحر" -بكسر، فسكون-: قال ابن فارس: هو إخراج الباطل في صورة الحقّ، ويقال: هو الخديعة، وسَحَره بكلامه: استماله برقّته، وحسن تركيبه. قال الإمام فخر الدين في "التفسير": ولفظ السحر في عرف الشرع مختصّ بكلّ أمر يخفَى سببه، ويُتخيّل على غير حقيقته، ويجري مجرى التمويه، والخِداع. قال اللَّه تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: ٦٦]، وإذا أُطلق ذُمّ فاعله. وقد يستعمل مُقيّدًا فيما يُمدح، ويُحمد، نحو قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن من البيان لسحرًا" أي إن بعض البيان سحرٌ؛ لأن صاحبه يوضّح المشكل، ويَكشِف عن حقيقته بحسن بيانه، فيستميل القلوب، كما تُستمالُ


(١) "المفهم" ١/ ٢٨٣.
(٢) "شرح مسلم" ٢/ ٨٨.
(٣) وقد ألحق المحقّق به من "المجتبى" لفظة "والشحّ".