للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالسحر. وقال بعضهم: لما كان في البيان من إبداع التركيب، وغرابة التأليف ما يَجذب السامع، ويُخرجه إلى حدّ يكاد يَشغَلُهُ عن غيره، شُبّه بالسحر الحقيقيّ. وقيل: هو السحر الحلال. ذكره الفيّوميّ. وسيأتي بسط فيما يتعلّق بالسحر في "كتاب المحاربة"، إن شاء اللَّه تعالى.

وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: وأما عدّه - صلى اللَّه عليه وسلم - السحر من الكبائر، فهو دليلٌ لمذهبنا الصحيح المشهور، ومذهب الجماهير أن السحر حرام، من الكبائر فعله، وتعلّمه، وتعليمه. وقال بعض أصحابنا: إن تعلّمه ليس بحرام، بل يجوز؛ ليعرف، ويردّ على صاحبه، ويميّز عن الكرامة للأولياء، وهذا القائل يمكنه أن يحمل الحديث على فعل السحر. واللَّه أعلم. انتهى (١).

وأما "الشح"، إن صحّت به الرواية، فهو أشدّ البخل، وهو أبلغ في المنع من البخل. وقيل: هو البخل مع الحرص. وقيل: البخل في أفراد الأمور، وآحادها، والشّحّ عامّ. وقيل: البخل بالمال، والشحّ بالمال والمعروف. يقال: شحّ يشُحّ - بالضمّ- فهو شَحِيح، والاسم الشُّحّ. أفاده ابن الأثير (٢).

(وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمّ اللَّهُ، إِلاَّ بِالْحَقِّ) أي كأن تقتل بريئًا عمدًا، فيقتصّ منها، أو زنت محصنة، فترجم (وَأَكْلُ الرِّبَا) قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} الآية [البقرة: ٢٧٥] (وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيم) قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} (وَالتَّوّلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ) أي الفرار من الجهاد، ولقاء العدوّ في الحرب. والزَّحفُ: الجيش يزحفون إلى العدوّ: أي يمشون، يقال: زَحف إليه زَحفًا، من باب منع: إذا مشى نحوه. أفاده في "النهاية" (٣).

وقال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: والزحف: القتال، وأصله المشي المتثاقل، كالصبيّ يزحف قبل أن يمشي، والبعير إذا أعيى، فَجَرَّ فِرْسَنَه (٤). وقد سمّي الجيش بالزحف؛ لأنه يُزحَفُ فيه، والتوليّ عن القتال إنما يكون كبيرةً إذا فرّ إلى غير فئة، وإذا كان العدوّ ضعفي المسلمين. انتهى (٥).


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ٨٨.
(٢) "النهاية" ٢/ ٤٤٨.
(٣) "النهاية" ٢/ ٢٩٧.
(٤) أي طرف خفّه.
(٥) "المفهم" ٤/ ٢٨٤.