للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: وأما عدّه - صلى اللَّه عليه وسلم - التولّي يَوْمَ الزحف من الكبائر، فدليلٌ صريحٌ لمذهب العلماء كافّةً في كونه كبيرةً، إلا ما حُكي عن الحسن البصريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أنه قال: ليس هو من الكبائر، قال: والآية الكريمة في ذلك إنما وردت في أهل بدر خاصّة. والصواب ما قاله الجماهير أنه عامّ باقٍ. واللَّه أعلم انتهى (١).

(وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ) أي رميهنّ بالزنى، والإحصانُ هنا: العفّة عن الفواحش. والغافلات يعني عما رُمين به من الفاحشة، أي هنّ بريئات من ذلك، لا خبر عندهنّ منه. قاله القرطبيّ.

وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: وأما المحصنات الغافلات، فبكسر الصاد، وفتحها قراءتان في السبع قرأ الكسائيّ بالكسر، والباقون بالفتح، والمراد بالمحصنات هنا العفاف، وبالغافلات الغافلات عن الفواحش، وما قُذِفْنَ به، وقد ورد الإحصان في الشرع على خمسة أقسام: العفّة، والإسلام، والنكاح، والتزويج، والحرّيّة، وقد بيّنت مواطنه، وشرائطه، وشواهده في "كتاب تهذب الأسماء واللغات". واللَّه أعلم. انتهى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا- ١٢/ ٣٦٩٨ - وفي "الكبرى" ١٢/ ٦٤٩٨. وأخرجه (خ) في "الوصايا" ٢٧٦٦ و"الطبّ" ٥٧٦٤ و"الحدود" ٦٨٥٧ (م) في "الإيمان" ٨٩ (د) في "الوصايا" ٢٨٧٤. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان وجوب اجتناب أكل مال اليتيم. (ومنها): تقسيم الذنوب إلى كبائر، وصغائر. (ومنها): وجوب الاجتناب عن هذه الذنوب الكبائر السبع. وسيأتي ذكر بيان الاختلاف بين العلماء في حد الكبيرة، وتقسيم الذنوب إلى صغيرة وكبيرة، وبعض أمثلة الكبائر في باب "ذكر الكبائر" من "كتاب المحاربة"، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.


(١) "شرح مسلم" ٢/ ٨٨.
(٢) "شرح مسلم" ٢/ ٨٤.