للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منها في كل قرن الألوف وأن يخدموها بالقراءة والإقراء والنشر والشروح ولقد حرصت مرة على أن أظفر بنسخة مخطوطة من رسالة الإمام الشافعي، أو بشرح لها لأقابل بها المطبوعة وأنسخ الشرح فلم أجد لها من أثر في مكتبة من مكاتب القطر الشامي، أين هذا من من نسخ كتب الصحيحين والسنن المخطوطة التي ملأت منها مكاتب الدنيا، ولا يعيي الظفر بجيداتها على طالب ما. أفليس الوثوق إذن بكتب السنة وما فيها من المرفوع والموقوف (وهو أقوال الصحابة وفتاويهم) أقوى في النفس من غيرها؟ اللهم فَبَلَى.

ومما يؤيد ما قدمنا في الوجادة ما في تدريب الراوي للسيوطي شرح تقريب النواوي في أواخر بحث الصحيح (١) وعبارته: عن الإمام ابن برهان في الأوسط ذهب الفقهاء كافة إلى أنه لا يتوقف العمل بالحديث على سماعه، بل إذا صح عنده النسخة جاز له العمل بها وإن لم يسمع، وحكى الأستاذ أبو إسحاق الاسفرايني الإجماع على جواز النقل من الكتب المعتمدة، وأنه لا يشترط اتصال السند إلى مصنفيها. وقال إلكيا الطبري في تعليقه: من وجد حديثا في كتاب صحيح جاز له أن يرويه ويحتج به.

وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في جواب سؤال: وأما الاعتماد في كتب الفقه الصحيحة الموثوق بها فقد اتفق العلماء في هذا العصر على جواز الاعتماد عليها، والاستناد إليها؛ لأن الثقة قد حصلت بها كما تحصل بالرواية، ولذلك اعتمد الناس على الكتب المشهورة في النحو، واللغة، والطب، وسائر العلوم، لحصول الثقة بها وبُعْد التدليس اهـ.

فتأمل أقوال الأئمة علي اعتماد ما في كتب الفقه، وغيرها تعلم أنه إذا


(١) ص ٤٩.