للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورواه أبو داود عن أحمد بن يونس، عن زُهير، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر. وجعل المزّيّ في "الأطراف" رواية عبد الكريم الجزريّ عند مسلم بإثبات عمر، وليس كذلك. وقد ظهر الاختلاف فيه على نافع كسالم. انتهى كلام وليّ الدين (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو التشديد في الحلف بغير اللَّه تعالى، وإنما خصّ في حديث عمر بالآباء؛ لوروده على سبب، وهو أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - مرّ به، وهو يحلف بأبيه، فقال له ذلك. أو خصّ لكونه غالبًا عليهم؛ كما بيّنه في هذه الرواية بقوله: "وكانت قريش تحلف بآبائها، ويدلّ على التعميم قوله: "من كان حالفًا، فلا يحلف إلا باللَّه". وأما ما ورد في القرآن من القسم بغير اللَّه تعالى، فللعلماء فيه جوابان، سيأتي بيانهما قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى.

(ومنها): أن من حلف بغير اللَّه تعالى مطلقًا لا تنعقد يمينه، وسيأتي تمام البحث فيه أيضًا. (ومنها): أن فيه الردّ على من قال: إن من قال: إن فعلت كذا كذا، فأنا يهوديّ، أو نصرانيّ، أو كافر أنه ينعقد يمينًا، ومتى فعل تجب عليه الكفّارة. وقد نُقل ذلك عن الحنفيّة، والحنابلة. ووجه الدلالة من الخبر أنه لم يحلف باللَّه، ولا بما يقوم مقام ذلك. (ومنها): أن من قال: أقسمت لأفعلنّ كذا، لا يكون يمينًا، وعند الحنفيّة يكون يمينًا، وكذل قال مالك، وأحمد، لكن بشرط أن ينوي بذلك الحلف باللَّه، وهو متّجه.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هكذا قال في "الفتح"، وعندي أنه غير متّجه؛ لأنه يصدق عليه أنه حلف بغير اللَّه، ولا تنفعه النيّة المذكورة، وإلا فيلزمنا أن نجيز بالتأويل حلف من قال: "وأبي"، أي أحلف برب أبي، وهو باطلٌ، فتأمل. واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): أن الحلف بالأمانة ليس يمينًا؛ لانتفاء الاسم والصفة، وبه قال الشافعيّ، حكاه عنه الخطّابيّ. قال وليّ الدين: والذي في كتب أصحابنا أنه إذا قال: عليّ أمانة اللَّه لأفعلنّ كذا، وأراد اليمين، فهو يمين، وإن أراد غير اليمين كالعبادات، فليس يمينًا، وإن أطلق فوجهان، أصحّهما أنه ليس يمينًا؛ لتردّد اللفظ، وقد فُسّرت الأمانة في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} الآية [الأحزاب: ٧٢] بالعبادات. وقال المالكيّة: يكره

الحلف بأمانة اللَّه، وفيه الكفارة إن قصد الصفة. وقال الحنابلة: إن قال: وأمانةِ اللَّه،

فهو يمين، وإن قال: والأمانة دم يكن يمينًا إلا أن ينوي صفة اللَّه. وعن أحمد رواية


(١) "طرح التثريب" ٧/ ١٤٠ - ١٤٢.