للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في فتوى أخرى: يجوز المسح على اللفائف (١) وهو أن يلف على الرجل لفائف من البرد، أو خوف الحفاء، أو من جراح بها، ونحو ذلك، وهي بالمسح أولى من الخف والجورب، فإن تلك اللفائف إنما تستعمل للحاجة في العادة، وفي نزعها ضرر إما بإصابة البرد، أو التأذي بالحفاء وإما التأذي بالجرح، فإذا جاز المسح على الخفين، والجوربين فعلى اللفائف بطريق الأولى اهـ. وقال في خلال فتوى له: معلوم أن البلاد الباردة يحتاج فيها من يمسح التساخين والعصائب وهي العمائم ما لا يحتاج إليه في أرض الحجاز، فأهل الشام والروم ونحو هذه البلاد أحق بالرخصة في هذا، وهذا من أهل الحجاز، ثم قال: فإن منعوا من المسح عليها ضيقوا تضييقا يظهر خلافه للشريعة بلا حجة معهم أصلا. اهـ. كلامه رحمه الله.

الخاتمة

لا يخفى أن الرخص المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هي نعمة عظمى في كل حال، وعلى أي حال، وإنما يظهر تمام نعمة تشريعها في بعض الأحوال مثل رخصة المسح علي الجوربين في أيام البرد، وأوقات السفر، وحالات المرض، أو تشقق القدم، أو قشف الرجلين أو تورمهما مما يعرض، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - السَّريِّة الذين شكوا إليه ما أصابهم من البرد أن يسمحوا على العصائب والتساخين كما قدمنا، وقال من صحب عكرمة رضي الله عنه إلى واسط: ما رأيته غسل رجليه، إنما يمسح عليهما حتى خرج منها. رواه ابن جرير في تفسيره، وتقدم عن البدائع للقاساني أن أبا حنيفة رضي الله عنه رجع إلى قول أبي يوسف ومحمد في المسح


(١) قال القاسمي رحمه الله: اللفائف يشملها عموم حديث ثوبان المتقدم أنه عليه السلام "أمرهم بالمسح على التساخين" وقد أسلفنا أن التساخين لغة كل ما يسخن به القدم فتذكر اهـ.