للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العُظمى حلّت بضعفاء الإيمان, فإن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لَمّا أتاه هذا اليهوديّ، وقاله ما تقدّم قبل منه ذلك؛ لأنه حقّ، ونبّه أمته، وأرشدهم إلى ما هو الصواب، ولم يقل: إنه يهوديّ لا يؤمن به، فيُردّ قوله كلا، وحاشا، اللَّهمّ أرنا الحقّ حقًا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه. آمين.

(ومنها): أن قول الإنسان: ما شاء اللَّه، وشئت من الإشراك باللَّه تعالى، فيحرم عليه، فإن كان يعتقد التشريك، فهو شرك أكبر، مخرج من الملّة، وإن كان لا يعتقد ذلك، فهو إشراك في اللفظ، فيكون شركًا أصغر، محرّمًا تجب التوبة منه.

وقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده"، والمصنّف في "عمْل اليوم والليلة"، وابن ماجه في "سننه"، من رواية يزيد بن الأصم، عن ابن عبّاس، قال. قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إذا حلف أحدكم، فلا يقل: ما شاء اللَّه وشئت، ولكن ليقل: ما شاء اللَّه ثم شئت".

وفي أول حديث أحمد، والنسائيّ، قصّة، ولفظها: "أن رجلاً قال للنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: ما شاء اللَّه، وشئت، فقال له النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أجعلتني واللَّه عَدْلاً (١)، بل ما شاء اللَّه وحده".

وأخرج أحمد، والنسائيّ، وابن ماجه أيضًا، عن حذيفة - رضي اللَّه عنه -: "أن رجلا من المسلمين، رأى في النوم، أنه لقي رجلا من أهل الكتاب، فقال: نعم القوم أنتم، لولا أنكم تشركون، تقولون: ما شاء اللَّه، وشاء محمد، وذكر ذلك للنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: أما واللَّه، إن كنت لأعرفها لكم، قودوا: ما شاء اللَّه، ثم شاء محمد". لفظ ابن ماجه.

هكذا رواية ابن عيينة، عن عبد الملك بن عُمير، عن ربعي، عن حذيفة، وخالفه غيره، حماد بن سلمة، عند أحمد، وشعبة، وعبد اللَّه بن إدريس، وأبو عوانة كلهم عن عبد الملك بن عمير، عن ربعيّ، عن الطفيل بن سَخْبرة، أخي عائشة - رضي اللَّه عنها -، وهو الذي رجحه الحفاظ، وقالوا: إن ابن عيينة وَهِم في قوله: عن حذيفة.

ولفظ أحمد-٢٠١٧١ - من طريق حماد بن سلمة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حِرَاش، عن طُفَيل بن سَخْبَرة، أخي عائشة لأمها، أنه رأى فيما يرى النائم، كأنه مَرّ برهط من اليهود، فقال: من أنتم؟، قالوا: نحن اليهود، قال: إنكم أنتم القوم، لولا أنكم تزعمون أن عزيرا ابن اللَّه، فقالت اليهود: وأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: ما شاء اللَّه، وشاء محمد، ثم مر برهط من النصارى، فقال: من أنتم؟، قالوا: نحن النصارى، فقال: إنكم أنتم القوم، لولا أنكم تقولون: المسيح ابن اللَّه، قالوا: وإنكم أنتم القوم، لولا أنكم تقولون: ما شاء اللَّه، وما شاء محمد، فلما أصبح أخبر بها، من أخبر، ثم أتى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأخبره، فقال: هل أخبرت بها أحدا؟ -قال عفان- قال: نعم، فدما صَلَّوا خطبهم، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، ثم قال: "إن طُفيلا رأى رؤيا، فأخبر بها


(١) بنصب "اللَّهَ" على المعية، و"عَدْلا" بالفتح: أي مثلًا.