وأما الثاني، فليست بيمين منعقدة، ولا مشروعة، فيلزم بالحنث فيها الكفّارة، وقد شذّ بعض الأئمة، وتناقض فيما إذا قال: أُشرك باللَّه، أو أكفُر باللَّه، أو هو يهوديٌّ، أو نصرانيّ، أو بريء من الإسلام، أو من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أو من القرآن، وما أشبه ذلك، فقال: هي أيمانٌ يلزم بها كفّارةٌ إذا حنِثَ فيها، أما شذوذه، فلأنه لا سلف له فيه من الصحابة، ولا موافق له من أئمّة الفتوى فيما أعلم. وأما تناقضه، فلأنه قال: لو قال: واليهوديّةِ، والنصرانيّة، والنبيِّ، والكعبةِ، لم يجب عليه كفّارة عنده، مع أنها على صيغ الأيمان اللغويّة، فأوجب الكفّارة فيما لا يُقال عليه يمين، لا لغةً، ولا شرعًا, ولا هو من ألفاظها, ولو عكس لكان أولى، وأمسّ، ولا حجة له في آية كفّارة اليمين؛ إذ تلك الكلمات ليست أيمانًا، كما بيّنّاه، ولو سلمنا أنها أيمان، فليست بمنعقدة، فلا يتناولها العموم، ثم يلزم بحكم العموم أن يوجب الكفّارة في كلّ ما يقال عليه يمينٌ لغة، وعرفًا, ولم يقل بذلك. واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- بتصرّف يسير (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عبد الرحمن بن سَمُرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- ١٠/ ٣٨٠١ - وفي "الكبرى"١٠/ ٤٧١٥. وأخرجه (م) في "الأيمان والنذور" ١٦٤٨ (ق) في "الكفّارات" ٢٠٩٥ (أحمد) في "مسند البصريين" ٢٠١٠١. وبقيّة متعلّقات الحديث من الفوائد، وغيرها تقدّمت. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".