رسولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أن لا يحملنا، وما عنده ما يحملنا، ثم حمدنا، تَغَفَّلْنا رسولَ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يمينه، واللَّه لا نُفلح أبدا، فرجعنا إليه، فقلنا له، فقال:"لست أنا أحملكم، ولكن اللَّه حملكم، وإني واللَّه، لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرا منها، إلا أتيت الذي هو خير منه، وتحللتها".
(فِي رَهْطٍ) -بفتح الراء، وسكون الهاء، أفصح من فتحها -: ما دون عشرة من الرجال، ليس فيهم امرأة، وهو جمعٌ لا واحد له من لفظه. وقيل: الرهط من سبعة إلى عشرة، وما دون السبعة إلى ثلاثة نَفَر. وقال أبو زيد: الرهط، والنَّفَرُ: ما دون العشرة من الرجال. وقال ثعلب أيضًا الرهط، والنفر، والقوم، والْمَعْشَرُ، والْعَشِيرةُ: معناهم الجمعُ، لا واحد لهم من لفظهم، وهم للرجال، دون النساء. وقال ابن السّكّيت: الرهط، والعَشِيرةُ بمعنًى، ويقال: الرهط ما فوق العشرة إلى الأربعين. قاله الأصمعيّ في "كتاب الضاد والظاء"، ونقله ابن فارس أيضًا. ورهطُ الرجل: قومه، وقبيلته الأقربون. قاله الفيّوميّ (مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ) -بفتح الهمزة، وسكون الشين المعجمة- نسبة أشعر قبيلة مشهورة باليمن، والأشعر هو نبت بن أُدد بن زيد بن يَشْجُب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، قيل له: الأشعر؛ لأن أمه ولدته والشعر على بدنه. قاله في "اللباب"(١).
وفي رواية للبخاريّ من طريق عبد السلام بن حرب، عن أيوب بلفظ: (إنا أتينا النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - نفر من الأشعريين"، فاستدلّ به ابن مالك لصحّة قول الأخفش: يجوز أن يُبدل من ضمير الحاضر بدل كلّ من كلّ، وحمل عليه قوله تعالى:{لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} الآية [الأنعام: ١٢]، قال ابن مالك: واحترزت بقولي بدل كلّ من كلّ عن البعض، والاشتمال، فذلك جائز اتفاقًا، وإليه أشار في "الخلاصة" بقوله:
ولَمَّا حكاه الطيبيّ أقرّه، وقال: هو عند علماء البديع يُسمَّى التجريد. لكن تعقّب الحافظ ذلك، وقال: لا يحسن الاستشهاد به، إلا لو اتفقت الرواة، والواقع أنه بهذا اللفظ انفرد به عبد السلام، وقد أخرجه البخاريّ في مواضع أخرى بإثبات "في"، فقال في معظمها "في رهط"، كما هي رواية ابن عُليّة، عن أيوب في "كفّارات الأيمان"، وفي