وقال أيضًا: وفيه ردٌّ على من زعم أن المراد بالجاهلية ما قبل فتح مكّة، وأنه نذر في الإسلام، وأصرح من ذلك ما أخرجه الدارقطنيّ، من طريق سعيد بن بشير، عن عُبيد اللَّه، بلفظ:"نذر عمر أن يعتكف في الشرك". انتهى (١).
يَعْتَكِفُهَا، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ) هذا فيه أن نذر الكافر ينعقد، ولا مانع من القول أن نذره ينعقد موقوفًا على إسلامه، فإن أسلم لزمه الوفاء به في الخير، والكفرُ وإن كان يمنع عن انعقاده منجّزًا، لكن لا يمنع أن يعقد موقوفًا، وحديث:"الإسلام يَجُبُّ ما قبله" محمول على الخطايا, وليس النذر منها، وسيأتي قريبًا تمام البحث، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عمر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٣٦/ ٣٨٤٧ و ٣٨٤٨ و ٣٨٤٩ - وفي "الكبرى" ١٣/ ٤٧٦٢ و ٤٧٦٣ و ٤٧٦٤. وأخرجه (خ) في "الاعتكاف" ٢٠٣٢ و ٢٠٤٣ و"فرض الخمس" ٣١٤٤ و"الأيمان والنذور" ٦٦٩٧ (م) في "الأيمان" ١٦٥٦ (د) في "الأيمان والتذور" ٢٣٢٥ (ت) في "النذور والأيمان" ١٥٣٩ (ق) في "الصيام" ١٧٧٢ و"الكفّارات" ٢١٢٩ (أحمد) في "مسند العشرة" ٢٥٧ و"مسند المكثرين" ٤٦٩١ و ٥٥١٤ و ٦٣٨٢ (الدارمي) في "النذور والأيمان" ٢٣٣٣. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان أن الكافر إذا نذر، ثم أسلم قبل الوفاء، وفي به، بعد إسلامه.
(ومنها): ما قاله في "الفتح": وفي الحديث لزوم النذر للقربة من كلّ أحد حتى قبل الإسلام.
وقد أجاب ابن العربيّ بأن عمر لَمَّا نذر في الجاهليّة، ثم أسلم أراد أن يُكفّر ذلك بمثله في الإسلام، فلما أراده، ونواه سأل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأعلمه أنه لزمه، قال: وكلّ عبادة ينفرد بها العبد عن غيره تنعقد بمجرّد النيّة العازمة الدائمة كالنذر في العبادة، والطلاق