الليثيّ وحده "إلا الأموال والثياب"، والأول هو المحفوظ، ومقتضاه أن الثياب، والمتاع، لا تُسمّى مالًا، وقد نقل ثعلب عن ابن الأعرابي في المفضّل الضبيّ قال: المال عند العرب الصامت والناطق، فالصامت: الذهب والفضّة، والجوهر والناطق: البعير والبقرة والشاة، فإذا قلت عن حضريّ: كثُر ماله، فالمراد الصامت، وإذا قلت عن بدويّ، فالمراد الناطق. انتهى. وقد أطلق أبو قتادة على البستان مالاً، فقال في قصّة السلب الذي تنازع فيه هو والقرشيّ في غزوة حُنين "فابتعت به مَخْرَفًا، فإنه لأول مال تأثّلته"، فالذي يظهر أن المال ما له قيمة، لكن قد يغلب على قوم تخصيصه بشيء، كما حكاه المفضل، فتحمل الأموال على المواشي، والحوائط التي ذكرت في رواية الباب، ولا يرِاد بها النقود؛ لأنه نفاها أوّلًا. انتهى (١).
(فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ) بضمّ أوّله، بصيغة التصغير، وفي رواية البخاريّ من طريق أبي إسحاق الفزاريّ، عن مالك:"أهداه له أحد بني الضّباب" -بكسر الضاد المعجمة، وموحّدتين الأولى خفيفة، بينهما ألف بلفظ جمع الضبّ. وفي رواية مسلم:"أهداه له رفاعة بن زيد، أحد بني الضّبيب". وفي رواية أبي إسحاق رفاعة بن زيد الْجُذاميّ، ثمّ الضبنيّ -بضمّ المعجمة، وفتح الموحّدة، بعدها نون، وقيل: بفتح المعجمة، وكسر الموحّدة-: نسبة إلى بطن من جُذام.
(يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ زَيدٍ) قال الواقديّ: كان رفاعة قد وفَدَ على رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في ناس من قومه قبل خروجه إلى خيبر، فأسلموا، وعقد له على قومه (لِرَسُول اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) متعلّق بـ "أهدى"(غُلَامًا أَسْوَدَ، يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ) بكسر الميم، وسكون الدال المهملة، وفتح العين المهملة (فَوَجَّهَ) بالبنا للفاعل، أي توجه، يقال: وَجَّهتُ إليك توجيهًا: تَوَجَّهْتُ. قاله في "القاموس". ويحتمل أن يكون المعنى فَوَجَّهَ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - وَجْهَهُ، فيكون المفعول محذوفًا. واللَّه تعالى أعلم. (رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، إلَى وَادِي الْقُرَى) هو: موضعٌ قريبٌ من المدينة، على طريق الحاجّ من جهة الشام. وأصل الوادي: كلُّ منفرج بين جبال، أو آكام، يكون مَنْفَذًا للسيل، والجمع أودية. أفاده الفيّوميّ (حَتَّى إِذَا كُنَّا بِوَادِي الْقُرَى، بَيْنَا مِدْعَمٌ، يَحُطّ) بضمّ الحاء المهملة، يقال: حَطَطتُ الرحلَ وغيره حَطا، من باب قتل: أنزلته من عُلْو إلى سُفل. قاله الفيّوميّ (رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) الرَّحْل -بفتح، فسكون-: كلُّ شيء يُعدّ للرحيل، من وعاء للمتاع، ومَرْكبٍ للبعير، وحِلْسٍ، ورَسَنٍ، وجمعه أرحُلٌ، ورِحَالٌ، مثلُ أفلُس، وسِهَام.
زاد البيهقيّ في "الدلائل": وقد استقبلتنا يهود بالرمي، ولم نكن على تعبية".
(فَجَاءَهُ سَهْمٌ) وفي رواية البخاريّ: "سهم عائر" -بعين مهملة، بوزن فاعل: أي لا