للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُدرَى من رمى به. وقيل: هو الحائد عن قصده (فَأَصَابَهُ) أي أصاب ذلك السهم مِدْعمًا (فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَكَ الجَنَّةُ) أي لأنه مات شهيدًا، في خدمة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: (كَلَّا) حرف ردع، وزجر (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه، إِنَّ الشَّمْلَةَ) -بفتح الشين المعجمة، وسكون الميم-: كساء صغيرٌ، يؤتزر به، والجمع شَمَلات، مثلُ سَجْدة وسَجَدَات، وشِمَال أيضًا، مثلُ كلبة وكلاب. قاله الفيّوميّ (الَّتِي أَخَذَهَا يَومَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ) أي قبل قسمتها غُلُولًا (لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا") يحتمل أن يكون ذلك حقيقةً بأن تصير الشَّمْلةُ نفسها نارًا، يُعذب بها، ويحتمل أن يكون المراد أنها سبب لعذاب النار، وكذا القول في "الشراك" الآتي ذكره. قاله في "الفتح".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الاحتمال الأول هو الأولى؛ لأن ألفاظ الشارع إذا أمكن حمدها على ظاهرها لا ينبغي العدول عنه، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

(فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ بِذَلِكَ، جَاءَ رَجُلٌ) قال الحافظ: لم أقف على اسمه (بِشِرَاكٍ، أَوْ بِشِرَاكَينِ) -بكسر الشين المعجمة، وتخفيف الراء-: سَيْرُ النعل على ظهر القدم (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "شِرَاكٌ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ") أي لولا رددتها، أو هو ردّ بعد الفراغ من القسمة، وقسمتها وحدها لا يُتصوّر، فلذلك قال - صلى اللَّه عليه وسلم - ما قال، واللَّه تعالى أعلم بحقيقة الحال.

وفي حديث عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه عنهما - قال: "كان على ثَقَل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - رجلٌ يقال له: كركرة (١)، فمات، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: هو في النار في عباءة غَلَّها".

قال في "الفتح": وكلام عياض يُشعر بأن قصّته مع قصَّة مِدعَم متّحدة، والذي يظهر من عدّة أوجه تغايرهما. نعم عند مسلم من حديث عمر - رضي اللَّه عنه -: "لَمّا كان يوم خيبر قالوا: فلان شهيد، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -كلّا إني رأيته في النار في بردة غَلّها، أو عباءة"، فهذا يمكن تفسيره بكركرة، بخلاف قصّة مِدعم، فإنها كانت بوادي القرى، ومات بسهم عائر، وغَلَّ شَمْلةً، والذي أهدى للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - كركرة هَوْذَة بن عليّ، بخلاف مِدعَم، فأهداه رفاعة، فافترقا. واللَّه أعلم.

وذكر البيهقيّ في روايته أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - حاصر أهل وادي القرى حتى فتحها، وبلغ ذلك أهل تيماء، فصالحوه. انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب, وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) بكسر الكافين، وقيل: بفتحهما.