للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ، مِمَّا ذَكَرَ) بالبناء للفاعل، والفاعل ضمير عبد الرحمن (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ) - رضي اللَّه عنه - (يُحَدِّثُ بِهِ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) الجملة في محلّ نصب على الحال من المفعول (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ) النبيّ ابن النبيّ صلوات اللَّه وسلامه عليهما (لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ) وفي رواية: "لأُطيفنّ": قال القرطبيّ: كلاهما صحيح في اللغة، يقال: أطفت بالشيء أُطيف به، وأنا مُطيفٌ، وطُفتُ على الشيء وبه، أطوف، وأنا طائفٌ، كما قال تعالى: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ} [القلم: ١٩]، وأصله الدوَرَان حول الشيء، ومنه الطواف بالبيت، وهو في هذا الحديث كناية عن الجماع، كما جاء عن نبينا - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه كان يطوف على نسائه، وهنّ تسعٌ في ساعة واحدة من ليل أو نهار، متّفقٌ عليه. (١).

واللام جواب لقسم محذوف، أي واللَّه لأطوفنّ، ويؤيّده قوله في آخره: "لم يَحنث"؛ لأن الحنث لا يكون إلا قسم، والقسم لا بدّ له من مقسم به. قاله في "الفتح".

وقال القرطبيّ: هذا الكلام قسم، وإن لم يُذكر فيه مقسمٌ به؛ لأن لام "لأطوفنّ" هي الداخلة على جواب القسم، فكثيرًا ما تحَذِف معها العرب المقسمَ به، اكتفاءً بدلالتها على المقسم به؛ لكنها لا تدلّ على مقسم به معين. انتهى (٢).

(عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةَ) هكذا في هذه الرواية "تسعين"، وفي رواية "سبعين امرأة"، وفي رواية "كان لسليمان ستون امرأة"، وفي رواية "مائة امرأة"، وفي رواية: "مائة امرأة، أو تسع وتسعون" على الشكّ، وكلها في الصحيح.

قال في "الفتح": فمحصّل الروايات: ستون، وسبعون، وتسعون، وتسع وتسعون، ومائة. والجمع بينها أن الستّين كنّ حرائر، ومازاد عليهن كنّ سراري، أو بالعكس، وأما السبعون فللمبالغة، وأما التسعون، والمائة، فكن دون المائة، وفوق التسعين، فمن قال: تسعون ألغى الكسر، ومن قال: مائة جبره، ومن ثَمّ وقع التردد في بعض الروايات، كما تقدّم (٣).

وأما قول النوويّ، ومن وافقه في الجواب عن اختلاف العدد: إن مفهوم العدد ليس بحجة عند الجمهور، فذكر القليل لا ينفي ذكر الكثير. فقد تُعُقّب بأن الشافعيّ نصّ على أن مفهوم العدد حجة، وجزم بنقله عنه الشيخ أبو حامد، والماورديّ، وغيرهما, ولكن


(١) "المفهم" ٤/ ٦٣٦.
(٢) "المفهم" ٤/ ٦٣٥.
(٣) "فتح" ٧/ ١٢٧ - ١٢٨. "كتاب أحاديث الأنبياء" رقم ٣٤٢٤.