للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرطه أن لا يُخالفه المنطوق. قال الحافظ: والذي يظهر مع كون مخرج الحديث عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، واختلاف الرواة عنه أن الحكم للزائد؛ لأن الجميع ثقات. انتهى (١).

[فائدة]: قد حكى وهب بن منبه في "المبتدإ" أنه كان لسليمان ألف امرأة، ثلاثمائة مَهِيرَة (٢)، وسبعمائة سريّة، ونحوه مما أخرج الحاكم في "المستدرك" من طريق أبي معشر، عن محمد بن كعب، قال: بلغنا أنه كان لسليمان ألف بيت من قوارير على الخشب، فيها ثلاثمائة صريحة، وسبعمائة سريّة. ذكره في "الفتح" (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذه الحكاية من الإسرائيليات، تحتاج إلى التثبّت فيها، والذي ثبت عندنا في الصحيح ما جاوز المائة، فاللَّه تعالى أعلم بصحّتها.

(كُلُّهُن يَأتي يفَارِسٍ) ولفظ البخاريّ: "تحمل كلّ امرأة فارسًا" (يُجَاهِدُ فِي سَبِيل اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-) هذا قاله على سبيل التمنّي للخير، وإنما جزم به لأنه غلب عليه الرجاء؛ لكونه قصد به الخير، وأمر الآخرة، لا لغرض الدنيا.

(فَقَالَ: لَهُ صَاحِبُهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ) جملة الشرط مقول يقول مقدّر، أي قل، وقد صُرّح به في رواية مسلم، ولفظه: "فقال له صاحبه، أو الملك: قل: إن شاء اللَّه". وفي رواية عند البخاريّ: "فقال له الملك"، وفي رواية: "فقال له صاحبه، قال سفيان: الملك". قال في "الفتح": وفي هذا إشعار بأن تفسير "صاحبه" بالملك، ليس بمرفوع، لكن في "مسند الحميديّ" عن سفيان: "فقال له صاحبه، أو الملك" بالشكّ، ومثلها لمسلم، وفي الجملة: ففيه ردّ على من فسّر "صاحبه" بأنه الذي عنده علم من الكتاب، وهو آصِف -بالمدّ، وكسر المهملة، بعدها فاء ابن بَرْخِيَا -بفتح الموحّدة، وسكون الراء، وكسر المعجمة، بعدها تحتانيّة-، وقال القرطبيّ في قوله: "فقال له صاحبه، أو الملك": إن كان صاحبه، فيعني وزيره من الإنس، والجنّ، وإن كان الملك، فهو الذي كان يأتيه بالوحي، وقال: وقد أبعد من قال المراد به خاطره. انتهى (٤). وقال النوويّ: قيل: المراد بصاحبه الملك، وهو الظاهر من لفظه. وقيل: القرين. وقيل: صاحبٌ له آدميّ. انتهى (٥).

قال الحافظ: ليس بين قوله: صاحبه، والملك منافاة، إلا أن لفظة "صاحبه" أعمّ، فمن ثم نشأ لهم الاحتمال، ولكن الشكّ لا يؤثّر في الجزم، فمن جزم بأنه الملك حجة


(١) "فتح" ١٣/ ٤٧١. "كتاب الإيمان والنذور". رقم ٦٧٢٠.
(٢) الْمَهِيرَةُ بفتح اسم، وكَسر الهاء: الحرّة الغالية المهر. قاله في "القاموس".
(٣) "فتح" ٧/ ١٢٨. "كتاب أحاديث الأنبياء".
(٤) "المفهم" ٤/ ٦٣٧.
(٥) "شرح مسلم" ١١/ ١٢٣.