للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أجمعون" تاكيدًا, وللأول أيضًا وجه، وهو أن يعرب حالاً، وقد وقع مثله في بعض روايات البخاريّ في حديث "فصلوا قعودًا أجمون" بلفظ "أجمعين".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: أما تغليط الفيّوميّ للمحدّثين في هذه الرواية, وقال: غَلِطَ من قال: إنه نُصِب على الحال؛ لأن ألفاظ التوكيد معارفُ، والحال لا تكون إلا نكرة، وما جاء منها معرفةً فمسموع، وهو مؤوّلٌ بالنكرة، والوجه في الحديث "فصلّوا قُعُودًا أجمعون"، وإنما هو تصحيفٌ من المحدّثين في الصدر الأول، وتمسّك المتأخّرون بالنقل. انتهى.

فمما لا يُلتفت إليه، بل الرواية صحيحة، وقد أجاز بعض أهل اللغة ذلك، قال ابن منظور -رحمه اللَّه تعالى-: و"أجمع" من الألفاظ الدالّة على الإحاطة، وليست بصفة، ولكنَّه يُلَمُّ به ما قبله من الأسماء، ويُجرَى على إعرابه، فلذلك قال النحويّون: صفةٌ، والدليل على أنه ليس بصفة قولهم: أجمعون، فلو كان صفة لم يَسلَم جمعه، ولكان مكسّرًا، والأنثى جَمْعاء، وكلاهما معرفة، لا يُنكّر عند سيبويه، وأما ثعلب، فحكى فيهما التنكير، والتعريف جميعًا، تقول: أعجبني القصر أجمعُ، وأجمعَ، الرفع على التوكيد، والنصب على الحال. انتهى (١).

فقد ثبت صحّة هذا الاستعمال بنقل ثعلب، وهو ممن يُعتمد في اللغة على نقله، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، فقد ثبت النصب روايةً عن المحدّثين، ونقلًا عن اللغويين، فلا التفات إلى من ادّعى غَلَطَ المحدّثين، بناءً على نفي بعض اللغويين لها، فالمثبت مقدّم على النافي. فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٤٠/ ٣٨٥٨ و ٤٣/ ٣٨٨٣ - وفي "الكبرى" ١٧/ ٤٧٧٢. وأخرجه (خ) في "أحاديث الأنبياء" ٢٤٢٤ (م) في "الأيمان والنذور" ١٦٥٤ (ت) في "النذور والأيمان" ١٥٣٢ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ٧٠٩٧ و ٧٦٥٨ و ١٠٢٠٢. واللَّه تعالى أعلم.


(١) "لسان العرب" ٨/ ٦٠.