والأيمان" ١٦٤٥ (د) في "الأيمان والنذور" ٣٣٢٣ (ت) في "النذور والأيمان" ١٥٢٨ (أحمد) في "مسند الشاميين" ١٦٨٥٠ و ١٦٨٦٨ و ١٦٨٧٤ و ١٦٨٨٩ و ١٦٧٠. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في أقسام النذر، وبيان مذاهب أهل العلم في حكم كلّ قسم منها: ذكر العلاّمة ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى- في كتابه "المغنى" أن النذر سبعة أقسام: (أحدها): نذر اللَّجَاج والغضب، وهو الذي يُخرجه مخرج اليمين للحثّ على فعل شيء، أو المنع منه، غير قاصد به النذر، ولا القربة، فهذا حكمه حكم اليمين.
(القسم الثاني): نذر طاعة وتبرّر، مثلُ الصلاة، والصيام، والحج، والعمرة، والعتق، والصدقة، والاعتكاف، والجهاد، وما في معناها، فهذا يلزم الوفاء به؛ لقوله تعالى:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}[الإنسان: ٧]، وقوله:{وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}[الحج: ٢٩]، ولحديث عائشة - رضي اللَّه عنها -، قالت: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من نذر أن يطيع اللَّه، فليُطعه … " الحديث. رواه البخاريّ. وحديث عمران بن حصين - رضي اللَّه عنهما -، مرفوعًا: "ثم يجيء قوم ينذرون، ولا يَفُون … " الحديث. رواه البخاريّ أيضًا. قال: وهو ثلاثة أنواع:
[أحدها]: التزام طاعة في مقابلة نعمة استجلبها، أو نقمة استدفعها، كقوله: إن شفاني اللَّه، فلله عليّ صوم شهر، فتكون الطاعة الملتزمة مما له أصل في الوجوب بالشرع، كالصوم، والصلاة، والصدقة، والحج، فهذا يلزم الوفاء به بإجماع أهل العلم.
[النوع الثاني]: التزام طاعة من غير شرط، كقوله ابتداءً: للَّه عليّ صوم شهر، فيلزمه الوفاء به، في قول أكثر أهل العلم، وهو قول أهل العراق، وظاهر مذهب الشافعيّ. وقال بعض أصحابه: لا يلزم الوفاء به؛ لأن أبا عمر غلام ثعلب قال: النذر عند العرب وعدٌ بشرط، ولأن ما التزمه الآدميّ بعوض يلزمه بالعقد، كالمبيع، والمستأجر، وما التزمه بغير عوض، لا يلزمه بمجرّد العقد، كالهبة.
[النوع الثالث]: نذر طاعة، لا أصل لها في الوجوب، كالاعتكاف، وعيادة المريض، فيلزمه الوفاء به عند عامّة أهل العلم. وحُكي عن أبي حنيفة أنه لا يلزمه الوفاء به؛ لأن النذر فرع على المشروع، فلا يجب به ما لا يجب له نظير بأصل الشرع.
قال: ولنا قول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من نذر أن يُطيع اللَّه فليُطعه"، وذمّه الذين ينذرون، ولا يوفون، وقول اللَّه تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: ٧٥ - ٧٧] وقد صحّ أن