(٢/ ١٠٠) فإن كان في الخفين، أو فيما لبس على الرجلين خرق صغير أو كبير طولا أو عرضا فظهر منه شيء من القدم، أقل القدم أو أكثرها، فكل ذلك سواء، والمسح على كل ذلك جائز، ما دام يتعلق بالرجلين منهما شيء، وهو قول سفيان الثوري، وداود، وأبي ثور، وإسحاق بن راهويه، ويزيد بن هارون، ثم حكى أقوال العلماء المانعين منه على ما بينها من اختلاف وتعارض، ثم رد عليها، وبين أنها مما لا دليل عليها سوى الرأي وختم ذلك بقوله: لكن الحق في ذلك ما جاءت به السنة المبينة للقرآن من أن حكم القدمين اللتين ليس عليهما شيء ملبوس يُمسَحُ عليه أن يغسلا، وحكمهما إذا كان عليهما شيء ملبوس أن يمسح على ذلك الشيء، بهذا جاءت السنة {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}[مريم: ٦٤] وقد علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أمر بالمسح على الخفين وما يلبس في الرجلين ومسح على الجوربين أن من الخفاف والجوارب وغير ذلك مما يلبس على الرجلين المخرقَ خرقا فاحشا أو غير فاحش. وغير المخرق، والأحمر والأسود والأبيض والجديد والبالي، فما خص عليه السلام بعض ذلك دون بعض، ولو كان حكم ذلك في الدين يختلف لما أغفله الله تعالى أن يوحي به، ولا أهمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المفترض عليه البيان، حاشاه من ذلك فصح أن حكم ذلك المسح على كل حال، والمسح لا يقتضي الاستيعاب في اللغة التي بها خوطبنا.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في اختياراته (ص ١٣) ويجوز على اللفائف في أحد الوجهين حكاه ابن تميم وغيره وعلى الخف المخرق ما دام اسمه باقيا والمشي فيه ممكنا وهو قديم قولي الشافعي واختيار أبي البركات وغيره من العلماء.
قلت: ونسبه الرافعي في شرح الوجيز (٢/ ٣٧٠) للأكثرية، واحتج