للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اسم المقتول قَيْن بلفظ الْحَدّاد. وقيل: قاين بزيادة ألف. وذكر السدّيّ في "تفسيره" عن مشايخه بأسانيده أن سبب قتل قابيل لأخيه هابيل أن آدم - عليه السلام - كان يزوج ذكر كلّ بطن من ولده بأنثى الآخر، وأن أخت قابيل كانت أحسن من أخت هابيل، فأراد قابيل أن يستأثر بأخته، فمنعه آدم، فلمّا ألحّ عليه أمرهما أن يُقربا قُربانًا، فقرب قابيل حُزْمة من زرع، وكان صاحب زرع، وقرب هابيل جذعة سمينة، وكان صاحب مواش، فنزلت نار، فأكلت قربان هابيل، دون قابيل، وكان ذلك بسبب الشرّ بيهما، وهذا هو المشهور.

ونقل الثعلبيّ بسند واهٍ عن جعفر الصادق أنه أنكر أن يكون آدم زوّج ابنا له بابنة له، وإنما زوّج قابيل جنّيّةً، وزوّج هابيل حُوريّةً، فغضب قابيل، فقال: يا بُنيّ ما فعلته إلا بأمر من اللَّه، فقرِّبا قربانًا. وهذا لا يثبت عن جابر، ولا عن غيره، ويلزم منه أن بني آدم من ذريّة إبليس؛ لأنه أبو الجنّ كلّهم، أو من ذريّة الحور العين، وليس لذلك أصلٌ، ولا شاهد. انتهى (١).

وأخرج الطبريّ عن ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما -: كان من شأنهما أنه لم يكن مسكين يُتصدّق عليه، إنما كان القربان يقرّبه الرجل، فمهما قُبل تنزل النار، فتأكله، وإلا فلا. وعن الحسن. لم يكونا ولدي آدم لصلبه، وإنما كانا من بني إسرائيل. أخرجه الطبريّ. ومن طريق ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، قال: كانا ولدي آدم لصلبه، وهذا هو المشهور، ويؤيّده حديث الباب لوصفه "ابنَ" بأنه الأول، أي أول ما وَلَد آدم، ويقال: إنه لم يولد في الجنّة لآدم غيره وغير توأمته، ومن ثَمّ فخر على أخيه هابيل، فقال: نحن من أولاد الجنّة، وأنتما من أولاد الأرض. ذكر ذلك ابن إسحاق في "المبتدإ". وعن الحسن: ذُكر لي أن هابيل قُتل وله عشرون سنة، ولأخيه القاتل خمس وعشرون سنة. وتفسير هابيل هبة اللَّه، ولَمّا قُتل هابيل، وحزِن عليه آدم وُلد له بعد ذلك شيث، ومعناه عطية للَّه، ومنه انتشرت ذرّية آدم. وقال الثعلبيّ: ذكر أهل العلم بالقرآن أن حوّاء وَلَدت لآدم أربعين نفسًا في عشرين بطنًا، أولهم قابيل، وأخته اقليما، وآخرهم عبد المغيث، وأمة المغيث، ثم لم يمت حتى بلغ ولده، وولد ولده أربعين ألفًا، وهلكوا كلّهم، فلم يبق بعد الطوفان إلا ذرّيّة نوح، وهو من نسل شيث، قال اللَّه تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} [الصافّات: ٧٧]، وكان معه في السفينة ثمانون نفسًا، وهم المشار إليهم بقوله تعالى: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [هود: ٤٠]، ومع ذلك فما بقي إلا نسل نوح، فتوالدوا حتى ملأوا الأرض. انتهى (٢).


(١) "فتح" ٧/ ١٣. "كتاب أحاديث الأنبياء" رقم ٣٣٣٥.
(٢) "فتح" ١٤/ ١٧٣ - ١٧٤. "كتاب الديات" رقم الحديث ٦٨٦٧.