للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذه الحكايات معظمها تكون من الإسرائليّات، فالله تعالى أعلم بصحّتها.

[تنبيه]: اختُلف في كيفيّة قتله، وموضعه: فعن السدّيّ: شَدَخ رأس أخيه بحجر، فمات. وعن ابن جريج: تمثّل له إبليس، فأخذ بحجر، فشدخ به رأس طير، ففعل ذلك قابيل، وكان ذلك على جبل ثور. وقيل: على عقبة حراء. وقيل: بالهند. وقيل: بموضع المسجد الأعظم بالبصرة، وكان من شأنه في دفنه ما قصّه الله تعالى في كتابه. قاله في "الفتح".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذه الاختلافات من جنس ما قبلها, لا يُعتمد على شيء منها، إذ لا تعتمد على حجة، فلا ينبغي الركون إليها، وإنما الركون والاعتماد على ما قصّه الله في كتابه العزيز، فقط، حيث قال الله سبحانه وتعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا} إلى قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: ٢٧ - ٣١]. والله تعالى أعلم.

(كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا) بكسر الكاف، وسكون الفاء: النصيب، وأكثر ما يُطلق على الأجر، والضِّعْفُ على الإثم، ومنه قوله تعالى: {كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}، ووقع على الإثم في قوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا}. قاله في "الفتح " (وَذَلِكَ أنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ) أي فهو متبوع في هذا الفعل، وللمتبوع نصيب من فعل تابعه، وإن لم يقصد التابع اتّباعه في الفعل.

وقال القرطبيّ -رحمه الله تعالى-: هذا نصّ على تعليل ذلك الأمر؛ لأنه لما كان أول من قتل، كان قتله ذلك تنبيهًا لمن أتى بعده، وتعليمًا له، فمن قتل كأنه اقتدى به في ذلك، فكان عليه من وزره، وهذا جارٍ في الخير والشرِّ، كما قد نصّ عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "من سنّ في الإِسلام سنّة حسنة، كان له أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنّ في الإِسلام سنّة سيّئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة". رواه مسلم. قال: وبهذا الاعتبار يكون على إبليس كفلٌ من معصية كلّ من عصى بالسجود (١)؛ لأنه أول من عصى به. انتهى (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:.


(١) هكذا عبارة "المفهم"، ولعل الأولى: "كلّ من عصى بعدم السجود الخ"، فليُتأمل.
(٢) "المفهم" ٥/ ٤٠ - ٤١. "كتاب القسامة".