أخرجه الترمذيّ، والنسائيّ، لكن الترمذيّ بعد أن ساقه بلفظ واصل، عطف عليه بالسند المذكور طريق سفيان عن الأعمش ومنصور، قال بمثله، وكأن ذلك كان في أول الأمر.
وذكر الخطيب هذا السند مثالا لنوع من أنواع مدرج الإسناد، وذكر فيه أن محمد بن كثير وافق عبد الرحمن على روايته الأولى، عن سفيان فيصير الحديث عن الثلاثة بغير تفصيل.
وقد أخرجه البخاريّ في "الأدب" عن محمد بن كثير، لكن اقتصر من السند على منصور، وأخرجه أبو داود عن محمد بن كثير، فضم الأعمش إلى المنصور، وأخرجه الخطيب من طريق الطبرانيّ، عن أبي مسلم الليثيّ, عن معاذ بن المثني، ويوسف القاضي، ومن طريق أبي العباس البرقي، ثلاثتهم عن محمد بن كثير، عن سفيان عن الثلاثة، وكذا أخرجه أبو نعيم في "المستخرج" عن الطبرانيّ، وفيه ما تقدّم. وذكر الخطيب الاختلاف فيه على منصور، وعلى الأعمش، في ذكر أبي ميسرة وحذفه، ولم يختلف فيه على واصل في إسقاطه، في غير رواية سفيان. وقد أخرجه الترمذيّ، والنسائيّ من رواية شعبة، عن واصل بحذف أبي ميسرة، لكن قال الترمذيّ رواية منصور أصحّ -يعني بإثبات أبي ميسرة- وذكر الدارقطنيّ الاختلاف فيه، وقال: رواه الحسن بن عبيد اللَّه، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، كقول واصل، ونقل عن الحافظ أبي بكر النيسابوري أنه قال: يشبه أن يكون الثوريّ جمع بين الثلاثة لما حدث به ابن مهدي ومحمد بن كثير، وفصله لما حدث به غيرهما -يعني فيكون الإدراج من سفيان، لا من عبد الرحمن، والعدم عند اللَّه تعالى. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- ببعض تصرّف (١) وهو بحث نفيس جدًّا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
٤٠١٤ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ وَاصِلٍ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ , قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا, وَهُوَ خَلَقَكَ» , قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ , قَالَ: «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ, خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» , قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ»).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
١ - (محمد بن بشار) العبديّ، بُنْدار أبو بكر البصريّ، ثقة حافظ [١٠] ٢٤/ ٢٧.
٢ - (عبد الرحمن) بن مهديّ بن حسّان العنبريّ مولاهم، أبو سعيد البصريّ، ثقة ثبت
(١) راجع "الفتح" ١٤/ ٧٣ - ٧٤.