للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإنما لم يقولوا بِقتلِ تارِك الزَّكَاة؛ لإمكانِ انتزاعها منه قَهرًا، ولا يُقْتَلُ تاركُ الصِّيَام؛ لإمكانِ منعه المفطرات، فَيَحتاج هو أن يَنْوي الصيام؛ لأنه يعتقد وجوبه.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الأرجح في تارك الصلاة أنه يقتلُ، وأنه كافر؛ لقوله - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -: "فمن تركها فقد كفر"، ولكنه كفر دون كفر؛ لحديث عبادة بن الصامت - رضي اللَّه تعالى عنه - المتقدّم ذكره، وقد تقدّم تمام البحث في هذا في "كتاب الصلاة"، في ٨/ ٤٦٣ - "باب الحكم في تارك الصلاة"، فراجعه تستفد. واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): أنه اسْتُدِلَّ به على أَنَّ الحرّ لا يُقْتَلُ بالعبدِ؛ لأنَّ العبد لا يُرْجَمُ إذا زنى، ولو كان ثَيّبًا، حكاهُ ابن التِّين، قال: وليس لأحدٍ أن يُفَرِّق ما جَمَعَهُ اللَّه، إلا بدليلٍ، من كتاب، أو سُنة، قال: وهذا بخلاف الخَصْلَة الثالثة، فإنَّ الإجماع، انعقد على أَنَّ العبد، والحرّ فِي الرِّدَّة سواء، فكأنه جعَلَ أنَّ الأصل العمل بدلالة الاقتران، ما لم يأت دليل يُخَالِفهُ.

وقال الحافظ العراقيّ في "شرح التِّرْمِذِيّ": اسْتَثنى بعضهم من الثلاثة، قتل الصائل، فإنه يَجُوز قَتْله لِلدِّفْعِ، وَأَشَارَ بِذَلِك إِلَى قَوْل النَّووِيّ: يُخَصّ مِنْ عُمُوم الثَّلَاثَة الصَّائِل، ونَحوه، فيُباح قتله في الدَّفْع. وَقَدْ يُجاب بِأَنَّهُ داخِل في المُفارِق لِلْجَمَاعَةِ، أَوْ يكُون الْمُرَاد لا يَحِلّ تَعَمُّد قتله، بمعنى أنه لا يحِلّ قتله، إلا مُدَافَعة، بخلاف الثلاثة. واسْتَحْسَنَهُ الطَّيبِيُّ، وَقَالَ: هُو أَوْلى مِنْ تَقْرِير الْبَيْضَاوِيّ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ قَوْله: "النَّفْس بِالنَّفْسِ" يحِلّ قَتْل النَّفْس قصاصًا، للنفسِ التي قتلها عُدْوَانًا، فاقتضى خروج الصَّائِل، ولو لم يقصِد الدَّافع قتله.

قال الحافظ: وَالْجواب الثَّاني هو الْمُعْتَمَد، وَأَمَّا الأَوَّل فَتَقَدَّمَ الجواب عنه. وحكى ابن التين، عن الدَّاوُدِيّ، أن هذا الْحَدِيث مَنْسُوخِ بِآيةِ الْمُحَارَبَة: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٢]، قَالَ: فَأَبَاح القتل بمجرَّد الفساد في الأرض، قال: وقد ورد في القتل بِغَيرِ الثَّلاث أَشْيَاءُ، منها: قَوْله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [الحجرات: ٩]، وحدِيث: "مِنْ وَجَدتُمُوهُ يَعْمَلُ عمل قَوْم لُوط، فَاقْتُلُوهُ"، وحدِيث: "من أتى بِهيمة فاقتلوه"، وحدِيث: "من خَرَجَ، وَأَمْرُ الناسِ جَميعٌ، يريد تَفَرُّقَهُم فاقتلوه"، وقول عُمر: "تغِرَّة أن يُقْتلا"، وَقَوْل جماعة مِنْ الأئمَّة: إن تاب أَهْلُ الْقَدَر، وإلا قُتِلُوا، وقال جماعة مِنْ الأئمَّة: يُضرب الْمُبتَدِعُ حتى يَرْجِع، أو يموت، وَقَوْل جماعة مِنْ الأئمَّة: يُقْتَل تارِكُ الصلاة، قال: وهذا كُلّه زائِد عَلَى الثَّلَاث. قال الحافظ: وزاد غَيْره: قَتْل مِنْ طلب أخذ مَالَ إنسان، أَوْ حَرِيمه بِغَيْر حقّ، ومانِع الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، ومن ارتدَّ، وَلَمْ