للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرَّوافِض، ادَّعَوْا فِيهِ الإلَهِيَّة، وَهُمْ السَّبَائِيَّة، وَكَانَ كَبِيرهمْ عَبْد اللَّه بْن سَبَأ يَهُودِيًّا، ثُمَّ أَظْهَرَ الإسْلَام، وَابْتَدَعَ هَذِهِ الْمَقَالَة.

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وَهَذَا يُمْكِن أَنْ يَكُون أَصْله، مَا رَوَيْنَاهُ فِي الْجُزْء الثَّالِث مِنْ حَدِيث أَبِي طَاهِر الْمُخَلِّص، مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن شَرِيك الْعَامِرِيّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قِيلَ لِعَليِّ إِنَّ هُنَا قَوْمًا، عَلَى بَاب الْمَسْجِد، يَدَّعُونَ أنَّك رَبّهمْ، فَدَعَاهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: وَيْلكُمْ مَا تَقُولُون؟ قَالُوا: أَنْتَ رَبُّنَا، وَخَالِقنَا، وَرَازِقنَا، فَقَالَ: وَيْلكُمْ إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ مِثلُكُم، آكُلُ الطَّعَام كَمَا تَأْكُلُونَ، وَأَشْرَبُ كَمَا تَشْرَبُونَ، إِنْ أَطَعْت اللَّه أَثَابَنِي، إِنْ شَاءَ، وَإنْ عَصَيْته خَشِيت أَنْ يُعَذِّبنِي، فَاتَّقُوا اللَّه، وارْجِعُوا، فَأَبَوْا، فَلَمَّا كَانَ الْغَد، غَدَوْا عَلَيْهِ، فَجَاءَ قَنْبَر، فَقَالَ: قَدْ واللَّهِ رَجَعُوا، يقُولُونَ: ذَلِكَ الْكَلَام، فَقَالَ: أَدْخِلْهُمْ، فَقَالُوا: كَذَلِك، فَلَمَّا كَانَ الثَّالِث، قَالَ: لَئِن قُلْتُمْ ذَلِكَ، لأَقْتُلَنَّكُمْ بِأَخْبَثِ قِتْلَة، فَأَبْوا إِلَّا ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا قَنْبَر ائْتِنِي بِفَعَلَةٍ، مَعَهُمْ مررُوهُمْ، فَخَدَّ لهُمْ أُخْدُودًا، بَيْن باب الْمَسْجِد والقَصْر، وَقَالَ: احْفِرُوا فَأَبْعِدُوا فِي الأَرْض، وَجَاءَ بِالْحَطَبِ، فَطَرَحَهُ بِالنَّارِ فِي الأُخْدُود، وَقَالَ: إِنِّي طَارِحكُمْ فِيهَا، أَوْ تَرْجِعُوا، فَأَبَوْا أَنْ يَرجِعُوا، فَقَذَفَ بهِمْ فِيهَا، حَتَّى إِذَا احْتَرَقُوا، قَالَ [من الرجز]:

إِنِّي إِذَا رَأَيْت أَمْرًا مُنْكَرًا … أَوْقَدْت نَارِي وَدَعَوت قَنْبَرَا

وَهَذَا سَنَد حَسَن. وَأَمَّا مَا أَخْرَجهُ ابْن أَبِي شَيْبَة، مِنْ طَرِيق قَتَادَة، "أَنَّ عَليًّا أُتِى بِنَاسٍ مِنْ الزُّطّ، يَعْبُدُون وَثَنًا، فَأَحْرَقَهُمْ"، فَسَنَدُهُ مُنْقَطِع. فَإِنْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى قِصَّة أُخْرَى، فَقَد أَخْرَجَ ابْن أَبِي شَيْبَة أَيْضًا، مِنْ طَرِيق أَيُّوب بْن النُّعْمَان، "شَهِدت عَليًّا فِي الرَّحْبَة، فَجَاءَهُ رَجُل، فَقَالَ: إِنَّ هُنَا أَهْل بَيْت، لَهُمْ وَثَن فِي دَار، يَعْبُدُونَهُ، فَقَامَ يَمْشِي إِلَى الدَّار، فَأَخْرَجُوا إِلَيْهِ بمِثالِ رَجُل، قَالَ: فَأَلْهَبَ عَلَيْهِمْ عَلِيٌّ الدَّارَ".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قصّة الزّطّ الذي قال عنه الحافظ: إنه منقطع، من رواية ابن أبي شيبة، سيأتي قريبًا للمصنّف موصولًا برواية قتادة، عن أنس - رضي اللَّه تعالى عنه -، فهو صحيح، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: أخرجِ الإسْمَاعِيليّ من طريق ابْن أَبِي عُمَر، وَمُحَمَّد بْن عَبَّاد، كلاهما عَنْ سُفْيَان: قَالَ: "رَأَيْت عَمْرو بْن دِينَار، وَأَيُّوب، وَعَمَّارًا الدُّهْنِيّ، اجْتَمَعُوا، فَتَذاكرُوا الَّذِين حَرَقَهُم عَلِيّ، فَقَالَ أيُّوب: فَذَكَرَ الْحَدِيث، فَقَالَ عَمَّار: لَمْ يَحْرقهُمْ، وَلَكِنْ حَفَرَ لَهُمْ حَفَائِر، وَخَرَقَ بَعْضهَا إِلَى بَعْض، ثُمَّ دَخَّنَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ عَمْرو بْن دِينَار: قَالَ الشَّاعِر [من الوافر]:

لِتَرْمِ بِيَ الْمَنَايَا حَيْثُ شَاءَتْ … إِذَا لَمْ تَرْمِ بِي فِي الْحُفرَتَيْنِ